الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن خمسة أبناء وبنتين

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية :
-للميت ورثة من الرجال :
(ابن) العدد 5
-للميت ورثة من النساء :
(بنت) العدد 2
- إضافات أخرى : أحب أن أعرف الحكم في ميراث خمسة أولاد وعدد 2 بنات من الأب والأم، وتوجد بنت وحيدة أخرى من الأم من زوج آخر، والميراث هو منزل من أربعة طوابق، قامت الأم بشراء الأرض من ميراثها، وقام الأب ببناء الدور الأول، ثم قام عدد من الأبناء وهم 3 ببناء شقة لكل واحد منهم على نفقته، والآن كل واحد منهم يسكن الشقة التي قام ببنائها. مات الأب، والأم الآن تريد أن توزع التركة. فكيف تتصرف وجزاكم الله كل خير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء إن البيانات التي أدخلتها في قائمة الورثة تختلف عما ذكرته لاحقا، فقد ذكرت أن الأم تريد الآن توزيع التركة ولم تذكر في قائمة الورثة من النساء أنه توجد بينهم أم, وإن كنت تعني بها أم الأولاد أي زوجة المتوفى فقد كان حقك أن تدخلها أيضا في قائمة الورثة من النساء على أنها زوجة إلا إذا كانت مطلقة وبانت قبل وفاة زوجها فإنها -حينئذ- لا ترثه, وكذا قولك :{ ويوجد بنت وحيدة أخرى من الأم من زوج آخر }. إن كنت تعني أنها أخت للأولاد من أمهم فإنها لا ترث من زوج أمها إذ ليس بينها وبينه سبب من أسباب الإرث.

ونحن نجيبك بناء على المعلومات التي أدخلتها في قائمة الورثة من الرجال والنساء فنقول: من توفي عن خمسة أبناء وبنتين ولم يترك وارثا غيرهم لا زوجة ولا أما ولا أبا ولا غيرهم، فإن تركته لأبنائه وبنتيه تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... } النساء : 11 , فتقسم التركة على اثني عشر سهما , لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم واحد .
وإذا كانت الأرض للزوجة وقام الزوج بالبناء عليها برضاها فهاهنا احتمالان :
أولهما : أن تكون أذنت له بالبناء لا بنية أن يكون شريكا لها فتكون هذه إعارة تنتهي بالموت, وإعارة الأرض للبناء جائزة كما قال ابن قدامة في المغني: تَجُوزُ إعَارَةُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ. اهــ.

والإعارة تبطل بموت المستعير "الزوج" وللزوجة أن تأخذ الدور الذي بناه زوجها بعد أن تدفع قيمته منقوضا للورثة .
وما بناه الأولاد من الشقق في هذه الحال لا يكون ملكا لهم لأن أباهم مستعير وليس له أن يعيرهم الهواء ليبنوا عليه فضلا عن أن يملكهم إياه, وقد نص الفقهاء على أنه ليس للمستعير أن يعير فيقوم البناء كله منقوضا وتأخذه صاحبة الأرض – أمهم - بقيمته إن شاءت أو يتراضوا على أمر يصطلحون عليه ولها أن تملكهم إياه .
الثانية : أن تكون أذنت له بالبناء بنية الشركة , فيكون الزوج بذلك شريكا للزوجة في العقار { الأرض والبناء } بنسبة ما لكل واحد منهما , وطريقة معرفة النسبة أن تقوم الأرض أولا بدون بناء ولنفرض أنها قومت بثلاثين ألفا , ثم تقوم مع البناء ولنفرض أنها ساوت تسعين ألفا , فيكون للزوجة صاحبة الأرض ثلث ما هو موجود من الأرض والبناء وللزوج ثلثاه , والورثة إنما يرثون نصيب الميت فقط وهو ثلثا العقار .
وما بناه الأبناء من الأدوار في هذه الحال فهذا يختلف حكمه باختلاف العقد المبرم بينهم وبين أبويهم عند البناء، فإن كانا صرحا لهم بهبة الهواء – السطح – فما بنوه يعتبر ملكا لهم ولا يدخل في التركة, وإن لم يصرح الأبوان لهم بالهبة وأذنا لهم في البناء فقط فإن ما بنوه يعتبر عارية، وحكمها قد تقدم.

وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه المسائل لا يمكن حلها عن طريق فتوى مرسلة من بعيد، وإنما يشافه بها أهل العلم، أو يتراضى الأطراف على حلها إن كانوا بالغين رشداء، أو ترفع إلى محكمة شرعية.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني