الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضابط اصفرار الشمس وهل يخرج عنده وقت العصر

السؤال

ما هو ضابط اصفرار الشمس؟ وكيف أعرف أن الشمس اصفرت؟ لأنني مصاب بالسلس فأضطر لتأخير صلاة العصر، لكنني لا أعرف متى تصفر الشمس، فمنهم من قال قبل الغروب بربع ساعة، ومنهم من قال علامة الاصفرار أن تنظر للشمس دون أن تؤذي عينيك، فأرجو من الشيخ التوضيح لي ما هو الضابط الصحيح الذي أعرف به أن العصر قد خرج وقته أو أن الشمس قد اصفرت؟.
ولدي سؤال آخر: بما أنني أؤخر العصر أحيانا، فهل ينتقض وضوئي لو صليتها واصفرت الشمس وأنا مازلت أصلي؟ وهل تجوز لي الصلاة بعد اصفرار الشمس إذا لم ينقطع السلس قبل الاصفرار؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي أولا أن وقت صلاة العصر يمتد إلى غروب الشمس، فمن أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فهو مدرك لوقت العصر، وإنما يتعلق بالاصفرار خروج وقت الاختيار للعصر، فلا يجوز على الراجح تعمد تأخير العصر حتى تصفر الشمس من غير عذر، ومن فعل ذلك فقد أثم، وقيل يخرج وقت الاختيار بصيرورة الظل مثليه، وتعليقه بالاصفرار أولى، لحديث عبد الله بن عمرو عند مسلم: ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس.

وهذا فيه زيادة على صيرورة الظل مثليه، فإذا علمت هذا، فإن كنت مصابة بالسلس وكان هذا السلس ينقطع في وقت يتسع لفعل الصلاة بطهارة صحيحة لزمك أن تنتظري حتى يجيء ذلك الوقت فتصلي فيه، ولو أخرت العصر إلى الاصفرار لتصلي بطهارة صحيحة فلا حرج عليك في ذلك، وهذا عذر يبيح لك التأخير فيما يظهر، قال ابن قدامة: مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَهُوَ مُدْرِكٌ لَهَا، وَمُؤَدٍّ لَهَا فِي وَقْتِهَا، سَوَاءٌ أَخَّرَهَا لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ، إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُبَاحُ تَأْخِيرُهَا لِعُذْرٍ وَضَرُورَةٍ، كَحَائِضٍ تَطْهُرُ، أَوْ كَافِرٍ يُسْلِمُ، أَوْ صَبِيٍّ يَبْلُغُ، أَوْ مَجْنُونٍ يُفِيقُ، أَوْ نَائِمٍ يَسْتَيْقِظُ، أَوْ مَرِيضٍ يَبْرَأُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: " مَعَ الضَّرُورَةِ، فَأَمَّا إدْرَاكُهَا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ يُدْرِكُهَا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا فِي وَقْتِهَا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. انتهى.

وإن انقطع حدثك قبل هذا الوقت لزمك أن تصلي فيه وألا تؤخري إلى الاصفرار، وإن اصفرت الشمس وأنت في الصلاة لم تبطل صلاتك، وإن كان السلس لا ينقطع في زمن يتسع لفعل الطهارة والصلاة فإنك تتوضئين بعد دخول الوقت وتصلين الفرض وما شئت من النوافل، ولا تبطل طهارتك إلا بخروج الوقت أو بحدث آخر سوى السلس، ولا يجوز لك تعمد التأخير إلى الاصفرار لما مر، ولو أخرت الصلاة إلى الاصفرار لم تبطل طهارتك لأنها إنما تبطل بخروج الوقت وهو الغروب، وانظري الفتويين رقم: 139588، ورقم: 135820.

وأما اصفرار الشمس فيعرف بأن تري الشمس متغيرة، فتظهر الصفرة على الأرض والجدران، وهو حين تميل الشمس للغروب، قال الخرشي: وقت العصر المختار إلى الِاصْفِرَارِ فِي الْأَرْضِ وَالْجُدُرِ وَهُوَ وَقْتُ التَّطْفِيلِ أَيْ مَيْلُ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ وَمِنْهُ طَفَّلَ اللَّيْلُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَقْبَلَ ظَلَامُهُ لَا فِي عَيْنِ الشَّمْسِ، إذْ لَا تَزَالُ نَقِيَّةً حَتَّى تَغْرُبَ. انتهى.

وليس لهذا وقت محدد قبل الغروب، لأنه يختلف باختلاف طول النهار وقصره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني