الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رد الحقوق إلى أصحابها وهل يرد ما أخذ مقابل منفعة محرمة

السؤال

من الله علي بالتوبه منذ 6 سنوات ولله الحمد، لكن من ضمن شروط التوبة رد الحقوق إلى أهلها وانتظرت إلى أن أتتني الوظيفة والحمد لله أنا بخير في ديني ورزقي وقد بيتت النية لرد الحقوق لأصحابها وأشكل علي كيفية ردها، فمنها: أنني أخذت خشبا من مقاول دون علمه واستنفعت به وهذا الشخص أعرفه وأعرف مكانه وأشكل علي في رد حقه أن يقابلني بسوء أو يلحق بسمعتي مالا أريد ولا أظن أنه سيتقبل مني ويتفهم دون أن يلحقني بسوء.
ومنها: أنني كنت أقلد أصوات النساء في الجوال وأستفيد من بطائق الشحن ممن كانت تدور بيني وبينهم مكالمات فاقترفت ذنب أخذ كروت الشحن بغير حق وذنب التشبه بالنساء فتبت منهما فأشكل علي رد الحقوق إلى أهلها، فمهنم من لا أعرف أرقامه ومكانه ومنهم من غير جواله، ومنهم من لو أتكلم معه فلن يصغي إلى كلامي وسينكر بسبب الخوف مني أن أضره في عمله أو أحدث خلافا بينه وبين كفيله حيث إنه أخطأ وأنا أخطأت أيضا, فالحمد لله الذي من علي بالتوبه ويسر لي الرزق ومن علي برد الحقوق لأهلها فأرجو منكم أن تفتوني في أمري وأسأل الله أن يتوب علينا ولا يرينا أعمالنا حسرات في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب بسليم وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله الذي من عليك بالهداية ووفقك لسبيل الإنابة إنه هو التواب الرحيم، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.

وقال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. رواه الترمذي.

وأما ما سألت عنه من كيفية رد الحقوق إلى أصحابها فالواجب هو إيصالها إليهم وتمكنهم من أخذها على أنها حق لهم ولو بطرق غير مباشرة لا إعلامهم بأنك قد سرقتها ونحو ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 135759.

وبالتالي، فعليك أن ترد إلى صاحب الخشب قيمة خشبه إن كنت أتلفته أوقيمة المنفعة التي انتفعت بها إن كنت لم تتلفه وإنما استعملته فقط ولو لم تعلم مقدارها فيمكنك الاحتياط لذلك.

وأما الرجال الذين خدعتهم بتغيير صوتك بصوت أمرأة فأعطوك كروتا للشحن: فلا يلزمك رد الكروت إليهم، لأنهم بذلوا ذلك ـ فيما يبدو ـ مقابل منفعة محرمة وحسبك أن تستغفر الله تعالى من ذلك الفعل المحرم وأكل ذلك السحت والتصدق بمقدار تلك الكروت، قال ابن القيم ـ رحمه الله: إن كان المقبوض برضا الدافع وقد استوفى عوضه المحرم فهذا لا يجب رد العوض على الدافع، لأنه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان وتيسيرا لأصحاب المعاصي، ولكن خبثه لخبث مكسبه لا لظلم من أخذه منه، فطريق التخلص منه وتمام التوبة بالصدقة.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني