الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك الجماعة بلا عذر وهل يشرع تركها لكون الإمام يخطئ

السؤال

ما حكم أن يصلي الشخص فردا مع وجود جماعة في المسجد. و حكم أن يدخل في الصلاة ثم تقوم جماعة فلا ينضم إليها و يكمل الصلاة منفردا. وحكم من لا يصلي في جماعة معينة لأنه رأى خطأ للإمام في الصلاة فيصلي فردا. و أريد أن أعرف حكم الصلاة خلف إمام يكبر بعد أن يستتم واقفا من السجود أو يقول سمع الله لمن حمده بعد أن يستتم واقفا من الركوع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصلاة الجماعة فرض عين على الرجال الأحرار البالغين غير المعذورين على الراجح من أقوال العلماء، فمن تعمد الصلاة منفردا لغير عذر بعد إقامة الجماعة فهو آثم لتركه الواجب وإن كانت صلاته صحيحة على الراجح. وأما من شرع في صلاة الفريضة قبل إقامة الصلاة ثم أقيمت وهو يصلي فقد نص فقهاء الحنابلة القائلون بوجوب الجماعة على أن الأفضل له أن يتمها نفلا ليدرك ثواب الجماعة، وهو ظاهر في أن إتمامها فرضا جائز لا إثم فيه وإن كان خلاف الأولى.

قال في شرح الإقناع: (وإن أحرم به) أي: الفرض (في وقته المتسع ثم قلبه نفلا لغرض صحيح مثل أن يحرم منفردا ثم يريد الصلاة في جماعة جاز) لأن نية النفل تضمنتها نية الفرض. فإذا قطع نية الفرض بقيت نية النفل (بل هو) أي: قلب الفرض من المنفرد نفلا ليصليه في جماعة (أفضل) من إتمامه منفردا، لأنه إكمال في المعنى، كنقض المسجد للإصلاح. انتهى.

وأما الصلاة منفردا لأجل خطأ الإمام فينبني على نوع هذا الخطأ، فإن كان مما تبطل به الصلاة كتعمد ترك ركن أو لحن جلي في الفاتحة أو نحو ذلك فإن الائتمام بمن هذه حاله لا يجوز. وأما إن كان خطأ لا تبطل به الصلاة كلحن خفي فلا يضر ولا يمنع صحة الاقتداء ولا تترك لأجله الجماعة، وكذا إن كان من المسائل المختلف فيها والإمام يرى أنه ليس بخطأ فإنه يأتم به كذلك.

قال في حاشية الروض نقلا عن شيخ الإسلام: تجوز صلاة أهل المذاهب بعضهم خلف بعض، كما كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض، مع تنازعهم فيمن تقيأ أو مس ذكره ونحوه، أو لم يتشهد أو لم يسلم ونحوه والمأموم يعتقد وجوب ذلك، ولم يقل أحد من السلف إنه لا يصلي بعضهم خلف بعض، ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة. انتهى.

وأما محل التكبير للانتقال والتسميع فإنه يكون في أثناء الانتقال إلى الركن لا قبله ولا بعده، فإن خالف فصلاته صحيحة عند الجمهور لأن التكبير للانتقال والتسميع عندهم سنة لا تبطل الصلاة بتركه، وأما الحنابلة فالمذهب عندهم وجوب تكبيرات الانتقال والتسميع وأن من أوقع بعض التكبير فضلا عن كله بعد الانتقال إلى الركن عمدا فصلاته باطلة، ورجح بعض المحققين منهم عدم البطلان وانظر الفتوى رقم: 126200 وأما من تركه أو أتى به في غير محله سهوا أو جهلا فإنه يسجد للسهو ولا تبطل صلاته، وقد نصوا على أن من جهل الحكم بحيث لم يخطر بباله أن عالما يقول بالوجوب وهذا حال كثير من الأئمة أو أكثرهم فإن صلاته صحيحة ويسجد للسهو إلا أن يفوت وقت السجود بطول الفصل أو بالخروج من المسجد.

قال البهوتي رحمه الله: من ترك واجبا جاهلا حكمه بأن لم يخطر بباله قط أن عالما قال بوجوبه فإن حكمه حكم تاركه سهوا، فإن علم قبل فوات وقت سجود السهو كفاه سجود السهو ولم يلزمه إعادة الصلاة. انتهى.

وبهذا التقرير يتبين أنه لا ينبغي البتة ترك الصلاة خلف إمام يأتي بالتكبير أو التسميع في غير محله بل يبين له بلين ورفق، ويعلم السنة في ذلك وينصح بالخروج من خلاف العلماء ويعرف أن بعضهم قال ببطلان الصلاة في حق من تعمد هذا الفعل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني