الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قلت لزوجتي تنازلي عما أعطيتك من ذهب واذهبي وأنت طالق، وقصدت أنها إن تنازلت عن الذهب فهي طالق، فهل هذا طلاق معلق؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا قصدت أن الزوجة تعتبر طالقا إذا أعطتك الذهب فهذا يعتبر خلعا معلقا فالأمور بمقاصدها، جاء في الأشباه والنظائر للسيوطي: وضم بعض الفضلاء إلى هذه قاعدة خامسة وهي: الأمور بمقاصدها, لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. انتهى.

وفي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: فكان هذا أصلا في اعتبار المقاصد ودلالات الحال في العقود. انتهى.

وبناء عليه، فإذا تنازلت زوجتك عن الذهب الذى أعطيته لها فقد وقع الطلاق على وجه الخلع، جاء في الموسوعة: ولأن الخلع يكفي فيه اللفظ من أحد الجانبين كما لو قال: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته ذلك, يقع الطلاق خلعا. انتهى.

وفي كتاب الأم للإمام الشافعي: الخلع طلاق فلا يقع إلا بما يقع به الطلاق، فإذا قال لها إن أعطيتني كذا وكذا فأنت طالق أو قد فارقتك أو سرحتك وقع الطلاق. انتهى.

وقال أيضا: وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا على أن تعطيني ألفا فلم تعطه ألفا فليست طالقا، وهو كقوله أنت طالق إن أعطيتني ألفا وأنت طالق إن دخلت الدار. انتهى.

ولا يمكنك التراجع عن هذا الخلع، بل يقع الطلاق إذا أعطتك زوجتك الذهب في أي وقت، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية لا يلزمك الخلع ولك التراجع عنه إن شئت، جاء في الإنصاف للمرداوي: إذا قال إن أعطيتيني, أو إذا أعطيتيني, أو متى أعطيتيني ألفا, فأنت طالق كان على التراخي, أي وقت أعطته ألفا: طلقت، هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب، لأن الشرط لازم من جهته لا يصح إبطاله، وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ليس بلازم من جهته كالكتابة عنده، ووافق على شرط محض كقوله إن قدم زيد فأنت طالق وقال: التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة, فهو معاوضة، ثم إن كانت لازمة: فلازم, وإلا فلا، فلا يلزم الخلع قبل القبول, ولا الكتابة، وقول من قال: التعليق لازم دعوى مجردة. انتهى.

والخلع يعتبر طلقة بائنة عند الجمهور وهو القول الراجح والمفتي به عندنا، وبالتالي فلا تحل الزوجة بعده إلا بعقد جديد إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية الخلع فسخ وليس بطلاق، فلا يحسب من الطلقات الثلاث ولو كان الزوج قد تلفظ بالطلاق ونواه، وراجع كما سبق في الفتوى رقم: 140343.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني