الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحرام في دار الإسلام حرام في دار الكفر

السؤال

إذا عمل أحد في المافيا أو عمل تاجر مخدرات بالغرب وباع المخدرات لشباب الغرب الفاسدين هل هذا العمل حرام أم حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا يجوز للمسلم أن يعمل في المافيا أو أن يكون تاجر مخدرات ومحرمات لا في بلاد الغرب ولا في غيرها وذلك لما يأتي:-
1- لأن جريمة المخدرات وأعمال المافيا تظل جريمة في حق الإنسان أيَّ إنسان بما تمثله من شر وفساد في الأرض، وقتل وتدمير للإنسان. وهذا الوصف لا ينفك عنها في أي مكان، فالتحريم ملازم لها في كل الأحوال ولا يختص بزمان ولا مكان. وما جاء الإسلام إلا لينقذ البشرية من الشرور بجميع أصنافها.
ولا شك أن كلا من العمل في ترويج المخدرات والعمل في عصابات المافيا يعتبر شراً محضاً، وقد حرم الإسلام الخمر -وهي أقل ضرراً من المخدرات- وأوجب على شاربها الحد، ولعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن شاربها وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه.
أما المافيا فإن الإسلام سمى أصحابها محاربين، وقد أنزل فيهم قول الله جل وعلا:إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ [المائدة: 33].
2- المسلم يلتزم أحكام الإسلام أينما حلَّ وذهب، يقول الشوكاني رحمه الله: فإن أحكام الشرع لازمة للمسلمين في أي مكان وجدوا، ودار الحرب ليست بناسخة للأحكام الشرعية أو لبعضها. السيل الجرار4/152.
ويقول الشافعي: والحرام في دار الإسلام حرام في دار الكفر. الأم 7/355.
3- المسلم إذا دخل ديار الغرب بإذن منهم واشترطوا عليه عدم الفساد أو الإخلال بأمن بلادهم، فيجب على المسلم أن يفي بالشرط وأن يُنجز الوعد والعهد، فالله تعالى يقول:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، وهذا عام فيجب الوفاء بالعقد مع أي كان من مسلم و كافر. وفي الحديث الصحيح: المسلمون على شروطهم.
4- إن صورة المسلم الذي يتعامل بالمخدرات ويروج لها أو يشارك في المافيا، صُّد عن سبيل الله وقطع لطريق هؤلاء إلى الإسلام، والله تعالى يقول:أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ*الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [هود:19].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني