الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للزوجة الدعاء على زوجها أو أذيته إذا عدل بينها وبين ضرائرها

السؤال

أشكركم على الفتاوى القيمة بهذا الموقع المبارك.
أنا امرأة متزوجة منذ 25 سنة من نجل الإمام بالجامع القريب من منزلنا (كنت فى السادسة عشر من عمرى عند الزواج و وحيدة أبوي) ، وكان زوجى آنذاك شابا عمره 23 سنة متواضع الحال أقرب للفقر، لا يملك سوى شهادته الجامعية وتدينه وخلقه الحميد بالإضافة الى كونه رجلا وسيما قويا. فوافق والدي على الزيجة رغم فقره متجاهلا التفاوت المالي الكبير بينه وبيننا، حيث كان والدي – رحمه الله - يملك متجرا للحلويات.
وبعد وفاة والدى قام زوجى بالاستقالة من وظيفته للتفرغ لإدارة المتجر وتوفيرالرعاية لي ولوالدتي، والحق يقال فقد قام زوجي بعمله على أكمل وجه وأدت جهوده إلى توسعات، فإذا بالمتجر صار بعد عام ضعف حجمه الأصلى، ثم اشترى متجرا آخر فآخر وأنعم الله علينا وأغنانا من فضله وله الحمد والشكر. إلا أنه لم يرزقني بنعمة الأولاد لمدة السنوات ال 6 الأولى من الزواج لعيب في الرحم وصفه أحد الأطباء بالعاهة التي لا علاج لها – والحمد لله على كل شىء كان له حكمة فى ذلك – وبعد 3 سنوات من زواجنا أبلغني زوجى أنه ينوي الزواج من أخرى (أنجَبَت له وَلَدينْ) و لم أبد اعتراضا خشية أن أحرمه من نعمة الأولاد، خاصة وأنه رجل صالح مواظب على الصلاة ويخشى الله في كل كبيرة وصغيرة، بل إننى طلبت منه أن يجمعنا في منزل واحد وصارت ضرتى كأخت لي، وأولادها تماما كأولادي.. وجاءت المعجزة الإلهية فبعد أربع سنوات من زيجته الثانية أنعم الله علي بطفل، ثم العام التالى بتوأم، وصرتُ أما لثلاثة أولاد وأحمد الله كل يوم على معجزته التي جاءت عكس الطبيب! وانتقلنا إلى منزل كبير وكان زوجي يعدل بيننا دائما في كل شىء، فصارت الحياة بيننا هادئة مريحة. إلى أن جاءنا زوجي في ليلة مشؤومة منذ عام ونصف وأخبرنا أنه قرر الزواج من ابنة عمه التي لم تتجاوز ال 12 سنة، و ذلك بحجة أنها يتيمة وأن تلك الزيجة ستكون سترا لها بعد وفاة أبيها. والحقيقة غير ذلك تماما فهي رغم صغر عمرها فتاة صارخة الجمال، فارهة الطول وقوامها ممشوق لدرجة تذيب قلب أي رجل إذا نظر إليها. فقلنا له وواجهناه بأن أغراضه الشهوانية هي التي دفعته لذلك وأنه سيكون أضحوكة للناس بفعلته المتصابية خاصة أنه بلغ من العمر 48 سنة. إلا أنه لم يتشاجر معنا و بكل هدوء تزوجها بالفعل وجعلها تسكن مع والدته خشية أن نحقد عليها ونسيء معاملتها. كما أنه رغم عدله بيننا فى المبيت (يقسم وقته بيننا بالعدل) وفي النفقة، بات فاترا ولم يعد يجامع أيا منا (أنا وزوجته الثانية) إلا قليلا (مرة كل 8 أو 9 أسابيع)، ويخترع أسبابا هاوية جعلته يكثر المبيت مع الزوجة الثالثة بحجة زيارة أمه المسنة، لكنا على يقين من أنه يذهب لها لإشباع شهواته الحيوانية وبتنا ندعو عليه وعليها كثيرا. و رغم أنه (إحقاقا للحق) لا يسىء معاملة أي منا، إلا أن سعيه وراء شهواته أصبح يثير اشمئزازنا فقد أفصح لنا مؤخرا أنه بصدد الزواج من فتاة رابعة عمرها 14 سنة. أرجوكم أن تدلونا عما نفعله فقد صرنا زوجتين صالحتين وما زلنا نحبه لكن الغيرة تكوينا نارا لدرجة أن الزوجة الثانية قررت أن تقتله، كما أن قلبى يحترق غيظا. فهل أستحق منه كل هذا وقد قبلته فقيرا، والآن يفتري سعيا وراء شهواته بعد أن صار ثريا؟ حرام هذا أم حلال؟ انصحونا جزاكم الله خيرا، إذ إننا في أشد الحاجة للنصح ولا ندري ما نفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمجرد زواج الرجل على زوجته ليس ظلما لها أو إساءة في حقها، إلا أنه يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها في عقد الزواج ألا يتزوج عليها ولها شرطها ، كما بيناه في الفتوى رقم : 32542
كما أنه لا حرج على الرجل في الزواج بأكثر من زوجة ولو كان راغبا في الزوجة الجديدة لجمالها ونحو ذلك، لكن عليه أن يعدل بين زوجاته، فيوفي كل واحدة منهن حقها، ومن آكد حقوق الزوجة الوطء بقدر طاقته وحاجتها، ولا يسوغ له أن يترك جماع واحدة ليوفر قوته للأخرى، ويجب عليه التسوية بينهن في المبيت. فإذا راعى ذلك فلا يجب عليه التسوية بينهن في الجماع.

قال ابن قدامة: لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أنه لا تجب التسوية بين النساء في الجماع ... المغني.

وأما غضب المرأة بسبب تزوج زوجها عليها ، فإن كان غضبها مجرد غيرة على زوجها لم تحملها على ما يخالف الشرع فلا مؤاخذة عليها في ذلك، أما إذا حملها الغضب على الظلم والعدوان فذلك غير جائز، فما فكرت فيه الزوجة الثانية من قتل زوجها خطأ فاحش وهو من وحي الشياطين، فأي ظلم وعدوان أعظم من القتل بغير حق؟ فالواجب عليها أن تتقي الله وعليها وعليك معاشرة زوجك بالمعروف، وإن كان ثم تقصير منه أوميل نحو زوجة أكثر من الأخرى فالنصح بالرفق والحكمة والصبر والتجاوز عن الهفوات، ولا سيما وقد ذكرت عنه خلقا ودينا ومعاملة طيبة فهذه لوحدها نعمة من الله تعالى على الزوجة، وحق النعمة أن تشكر ويحافظ عليها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني