الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تعويض المشتري عن عيب في سلعة اشتراها منذ زمن

السؤال

لقد قمت ببيع حاسوب محمول لشخص بمبلغ من المال، وذلك الحاسوب كان به خلل، وبعد مرور مدة زمنية ليست بالقصيرة ـ حوالي 3 سنوات ـ تذكرت بأنني قمت بعمل غير شرعي، وذلك ببيع حاسوب به خلل ولم أخبره بذلك، أما الآن فأريد أن أرد ذلك المال، ولكن لدي إحساس بأن ردة فعله ستكون سلبية ولهذا فبماذا تنصحونني؟ وهل أرد له ماله؟ أم أتصدق به؟ وحفظكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت تعلم بالحاسوب عيبا يكرهه المشتري ويؤثر في الثمن فكان عليك ذكره له، لأن كتمانه من الغش والتدليس المحرم. قال الشيخ خليل بن إسحاق ـ رحمه الله تعالى: ووجب تبيين ما يكره ـ وقال الخرشي شارحا: أي وجب على كل بائع مرابحة أو غيرها تبيين ما يكرهه المبتاع من أمر السلعة المشتراة وتقل به رغبته في الشراء. انتهى.

وإذا غش البائع أو دلس في العيب، فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان ذلك مفسدا للبيع أم لا؟ والمعتمد أنه لا يفسده، ولكن المشتري مخير بين فسخ البيع وإمضائه، قال النووي في المجموع: إن باع ولم يبين العيب صح البيع مع المعصية، قال الشافعي ـ رحمه الله ـ في المختصر: وحرام التدليس ولا ينقض به البيع، وجملة القول في ذلك أن البائع إذا باع سلعة يعلم أن فيها عيبا، فإما أن يشترط فيها السلامة مطلقا أو عن ذلك العيب، وإما أن يطلق، فإن أطلق واقتصر على كتمان العيب، وهي مسألة الكتاب، فمذهبنا وجمهور العلماء أن البيع صحيح، ونقل المحاملي والشيخ أبو حامد وغيرهما عن داود أنه لا يصح ونقله ابن المغلس عن بعض من تقدم من العلماء أيضا، واحتج أصحابنا بحديث المصراة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مشتري المصراة بالخيار إن شاء أمسك وإن شاء رد مع التدليس الحاصل من البائع بالتصرية، وهي عيب مثبت للخيار بمقتضى الحديث، فدل على أن التدليس بالعيب وكتمانه لا يبطل البيع. انتهى.

وعليه، فالبيع صحيح، لكن على فرض كون المشتري لم يطلع على العيب وقد فات المقصود من منافع الجهاز بتلف ونحوه فيتعين الأرش، قال خليل: والمخرج عن المقصود مفيت، فالأرش. انتهى.

وجاء في الشرح: فيتعين الأرش عند التنازع، وأما عند التراضي فعلى ما تراضيا عليه، وطريق الأرش أن يقوم سالما ومعيبا ويأخذ من الثمن النسبة.

وحيث وجب الحق لصاحبك فلا يجزئ عنك التصدق بحقه ما دام يمكنك أن توصله إليه ولو بطرق غير مباشرة، ولايلزمك إخباره بسبب ذلك الحق تفاديا لما تخشاه من ردة فعله السلبية ـ كما ذكرت ـ وانظرالفتويين رقم: 134262، ورقم: 146987.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني