الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علق الطلاق على خروج زوجته بدونه فخرجت فهل يقع؟

السؤال

أرجو مساعدتي باستشارة بخصوص الطلاق. أنا متزوج منذ تسع سنين، وعندي ابنتان، لقد حدثت خلافات بيني وبين زوجتي في بداية زواجنا، وحصل الطلاق وأرجعتها خلال فترة العدة بوجود شهود. المشكلة هذا العام حصل خلاف على موضوع لا يستحق ولا أعرف كيف حلفت على زوجتي بالطلاق إن هي خرجت من البيت بدوني، ولم أحدد مدة زمنية، لقد عرفت بعد البحث أن هذا هو الطلاق المعلق ولقد خرجت زوجتي بعد ذلك لوحدها وبعلمي وموافقتي . لا أستطيع أن أجزم حقيقة هل أردت فقط أن أمنعها من الخروج أم أن أطلقها إن خرجت، ولكني أعرف يقينا أني لا أفكر بالطلاق أبدا. لقد اتبعت فتوى ابن تيمية على أساس أنه حنث بيمين وقمت بإطعام عشرة مساكين وأرجعت زوجتي قبل انتهاء العدة، ومارسنا حياتنا الزوجية بشكل طبيعي وكامل. أرجوكم أفيدوني هل وقعت بالحرام وهل يجب أن أعقد على زوجتي من جديد بمهر وولي؟ و شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمشاكل الزوجية ينبغى للزوجين التغلب عليها بواسطة الحوار والتفاهم والتسامح بينهما، وليس الطلاق هو الحل الأمثل لهذه المشاكل، فلأجل ذلك ننصحك أن لا تلجأ للطلاق مستقبلا ولا تحلف به، فإنه من أيمان الفساق ولا يجوز الحلف به.

وراجع الفتوى رقم : 58585.

وبخصوص تعليق طلاق زوجتك فإنا لم نتبين مما كتبته ما إذا كان قد حصل حنث أم لا؛ لأنك قلت: "ولا أعرف كيف حلفت على زوجتي بالطلاق إن هي خرجت من البيت بدوني ولم أحدد مدة زمنية. لقد عرفت بعد البحث أن هذا هو الطلاق المعلق، ولقد خرجت زوجتي بعد ذلك لوحدها وبعلمي وموافقتي..."

فإن كانت صيغة يمينك تقتضي -باللفظ أو بالقصد- أنها تطلق إذا خرجت دونك من غير إذن ولا علم منك فإن الحنث لم يحصل فيما ذكرته.

وإن كانت تقتضي أن الطلاق يحصل بمجرد خروجها دونك من غير نظر إلى علمك أو إذنك فإن الحنث يكون قد حصل.

فالحنث إنما يكون إذا حصل ما قصد الزوج تعليق الطلاق عليه، وأنت أدرى بلفظك وقصدك.

وعلى أية حال فإذا كان الحنث قد حصل فقد وقع الطلاق عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة، سواء قصدت طلاقها أو منعها من الخروج أم لم تدر ما قصدت، طالما أن صيغة يمينك كانت صريحة في الطلاق.

لكن ارتجاعك لها قبل تمام عدتها صحيح ـ إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث ـ وتعود به لعصمتك وتباح لك معاشرتها كما كانت قبل الطلاق ولا تحتاج لعقد جديد ولا تعتبر واقعا فى الحرام وما تحصل به الرجعة سبق بيانه فى الفتوى رقم : 30719. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه بأن الزوج إذا قصد الحث على فعل الشيء أو المنع منه فإنه يكون قد حلف يمينا تكفر عند الحنث فيها بكفارة يمين. وعلى هذا القول إن شككت في نية إيقاع الطلاق فإن الأصل أن النكاح باق ولا يزول بالشك. وبالتالي تجزئك كفارة اليمين التي أخرجتها وتكون الزوجة باقية في عصمتك كما كانت، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 110602.

وبخصوص أخذك بمذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فقد علمت مما ذكرناه أنه خلاف المفتى به عندنا، ومع ذلك فإننا لا نرى عليك فيه من حرج؛ لأن واجب المقلد أن يسأل عن حكم مسألته ويعمل بقول من أفتاه إذا كان يثق بعلمه وورعه.

قال ابن عبد البر رحمه الله: لم يبلغنا عن أحد من الأئمة أنه أمر أصحابه بالتزام مذهب معين لا يرى صحة خلافه، بل المنقول عنهم تقريرهم الناس على العمل بفتوى بعضهم بعضا، لأنهم كانوا على هدى من ربهم، ولم يبلغنا في حديث صحيح ولا ضعيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من الأمة بالتزام مذهب معين لا يرى خلافه. اهـ.
وإنما ينهى عن الأخذ بهذا القول أو ذاك إن كان من باب تتبع الرخص، كما سبق تفصيله فى الفتوى رقم : 4145.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني