الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم خلع الصبي الإحرام ولبسه الثياب قبل الحلق أو التقصير في العمرة

السؤال

صبي عمره 12 سنة أدى العمرة، لكنه نسي الحلق أو التقصير ولبس ثيابه، فهل عليه شيء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم هل يلزم الصبي إتمام النسك إذا شرع فيه أو لا يلزمه ذلك؟ فذهب الجمهور إلى أنه كغيره في لزوم المضي في النسك وعدم جواز فسخه، وعلى هذا القول فعلى الشخص المذكور أن يقصر أو يحلق متى ما تذكر، وبذلك يتحلل ولا دم عليه، ولا فدية عليه إن كان مميزا فيما ارتكب نسيانا، مثل البالغ، وكذلك ما ارتكب عمدا بناء على أن عمد الصبي خطأ، وفي حال وجوب الفدية فمن مال الولي، ففي الوجيز في الفقه الشافعي: يمنع الصبي المحرم من محظورات الإحرام فلو تطيب أو لبس ناسيا فلا فدية كالبالغ الناسي، وإن تعمد فقد بنوه على أصل يذكر في الجنايات وهو أن عمد الصبي عمد أو خطأ إن قلنا إنه خطأ فلا فدية وإن قلنا عمد وجبت، وهو الأصح. انتهى.

وفي مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج لمحمد الخطيب الشربيني: ولو فرط الصبي في شيء من أعمال الحج كان وجوب الدم في مال الولي ويجب عليه منعه من محظورات الإحرام، فإن ارتكب منها شيئا وهو مميز وتعمد فعل ذلك فالفدية في مال الولي في الأظهر، أما غير المميز فلا فدية في ارتكابه محظورا على أحد. انتهى.

وفي الكافي في فقه الإمام أحمد مبينا أن الصبي لا فدية عليه في ارتكاب ما يختلف عمده وسهوه من محظورات الإحرام فقال: الثالث: أن ما فعله من محظورات الإحرام إن كان مما يفرق بين عمده وسهوه فلا فدية فيه، لأن عمد الصبي خطأ، وإن كان مما يستوي عمده وسهوه كجزاء الصيد ونحوه ففيه فدية وفي محلها روايتان: إحداهما: تجب في مال الصبي، لأنه واجب بجنايته فلزمت كجنايته على آدمي والثانية : تجب على وليه، لأنه أدخله في ذلك وغرر بماله. انتهى.

وذهب أبو حنيفة إلى أن إتمام النسك لا يلزم الصبي وهو ما رجحه الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ قال في الشرح الممتع: إذا أحرم الصبي، فهل يلزمه إتمام الإحرام؟ الجواب: المشهور من المذهب أنه يلزمه الإتمام، لأن الحج والعمرة يجب إتمام نفلهما، والحج والعمرة بالنسبة للصبي نفل، فيلزمه الإتمام، والقول الثاني: وهو مذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله تعالى: أنه لا يلزمه الإتمام، لأنه غير مكلف ولا ملزم بالواجبات فقد رفع عنه القلم، فإن شاء مضى وإن شاء ترك، وهذا القول هو الأقرب للصواب، وهو ظاهر ما يميل إليه صاحب الفروع، وعلى هذا له أن يتحلل ولا شيء عليه، وهو في الحقيقة أرفق بالناس. انتهى.

وفي فتاوى نور على الدرب له أيضا: الصبي أو الصبية إذا كانا دون البلوغ وخرجا من الإحرام قبل إتمامه أي خرجا من النسك قبل إتمامه فلا حرج عليهما وذلك لأنهما غير مكلفين. انتهى.

وانظرالفتوى رقم: 132008.

فعلى اختيار الشيخ العثيمين الذي هو مذهب الأحناف لا شيء على الصبي في نسيان الحلق أو التقصير، لأنه غير مكلف بإتمام النسك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني