الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في الصبي إذا لم يتم نسكه

السؤال

ذهبنا لأداء العمرة قبل ما يقارب الخمس سنوات أنا وأسرتي
فانقسمنا إلى قسمين وكانت معي أختي الصغيرة والتي كانت في وقتها طفلة، وكانت والدتي قد نوت عنها العمرة وذلك بتحميمها وتجهيزها، وعند السعي قالت لي أختي بأنها تعبت فجلسنا لتستريح وأثناء جلوسنا مر علينا المجموعة الأخرى من أسرتي فأخذوها معهم وكانوا قد سبقونا بالسعي بشوطين، وعند انتهائهم قاموا بقص شعرها ولم تكمل شوطي السعي المتبقية عليها ولم نتذكر إلا بعد رجوعنا لمدينة الرياض.
سؤالي: هل يترتب علينا شيء؟ وأتمنى الإجابة بأسرع وقت لأني سأذهب لأداء العمرة بأختي خلال اليومين المقبلين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم هل يلزم الصبي إتمام النسك إذا شرع فيه أو لا يلزمه ذلك؟ فذهب الجمهور إلى أنه كغيره في لزوم المضي في النسك وعدم جواز فسخه، وذهب أبو حنيفة إلى أن إتمام النسك لا يلزم الصبي وهو ما رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله قال في الشرح الممتع: إذا أحرم الصبي، فهل يلزمه إتمام الإحرام؟ الجواب: المشهور من المذهب أنه يلزمه الإتمام؛ لأن الحج والعمرة يجب إتمام نفلهما، والحج والعمرة بالنسبة للصبي نفل، فيلزمه الإتمام. والقول الثاني: وهو مذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله تعالى ـ: أنه لا يلزمه الإتمام؛ لأنه غير مكلف ولا ملزم بالواجبات فقد رفع عنه القلم، فإن شاء مضى وإن شاء ترك، وهذا القول هو الأقرب للصواب، وهو ظاهر ما يميل إليه صاحب الفروع، وعلى هذا له أن يتحلل ولا شيء عليه، وهو في الحقيقة أرفق بالناس. انتهى.

فعلى ما رجحه الشيخ فلا شيء عليكم لأن تحلل أختك قبل إكمال عمرتها لا حرج فيه، وأما على قول الجمهور فإن أختك لا زالت باقية على إحرامها وكان الواجب عليكم حين تبينتم أنها لم تتم السعي أن تجنبوها محظورات الإحرام وأن تبادروا بالذهاب بها إلى مكة لتكمل ما تركته من نسكها، ولا شك في كونكم قصرتم بترك سؤال أهل العلم كل هذه المدة. وأما الواجب عليكم الآن فهو أن تستغفروا الله تعالى من تقصيركم ثم عليك أن تقصد بأختك إلى مكة فتتم ما بقي عليها من السعي ولو أعادت الطواف والسعي احتياطا لكان أولى خروجا من خلاف شرط الموالاة بين الطواف والسعي وهو قول المالكية وأحد الوجهين عند الشافعية.

قال في المجموع : وقال الماوردي: هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي؟ فيه وجهان أحدهما وقول أصحابنا البغدايين لا تشترط الموالاة بل يجوز تأخيره يوما وشهرا وأكثر لأنهما ركنان فلا تشترط الموالاة بينهما كالوقوف وطواف الإفاضة. والثاني تشترط الموالاة بينهما فإن فرق كثيرا لم يصح السعي وهو قول أصحابنا البصريين لأن السعي لما افتقر إلى تقدم الطواف ليمتاز عما لغير الله تعالى افتقر إلى الموالاة بينه وبينه ليقع الميز به ولا يحصل الميز إذا أخره هذا نقل الماوردي. انتهى.

فإن لم تعد الطواف فالأولى أن تعيد السعي من أوله خروجا من خلاف من أوجب الموالاة بين أشواط السعي.

جاء في الموسوعة الفقهية: الموالاة بين أشواط السعي وسنيتها مذهب الجمهور خلافا للمالكية والحنابلة في المعتمد فقد جعلوا الموالاة بين أشوط السعي شرطا لصحة السعي. انتهى.

وتلزمها الفدية عما ارتكبته من المحظورات مما هو من قبيل الإتلاف كقص الشعر وقص الأظافر في قول الجمهور الذين لا يفرقون في وجوب الفدية بين العمد والخطأ فيما هو من هذا القبيل.

قال الموفق رحمه: الفصل الثالث في محظورات الإحرام وهي قسمان: ما يختلف عمده وسهوه كاللباس والطيب، وما لا يختلف كالصيد وحلق الشعر وتقليم الأظفار، فالأول لا فدية على الصبي لأن عمده خطأ، والثاني عليه فيه الفدية. اهـ.

ويرى شيخ الإسلام أن ما فعل من محظورات الإحرام جهلا بالحكم فلا شيء فيه، ثم هل هذه الفدية في مال الصبي أو في مال الولي الذي أحرم به؟ قولان للعلماء.

قال ابن قدامة رحمه الله: وذكر أصحابنا في الفدية كالتي تجب بفعل الصبي وجهين: أحدهما هي في ماله لأنها وجبت بجناية أشبهت الجناية إلى الآدمي، والثاني على الولي وهو قول مالك لأنه حصل بعقده أو إذنه فكان عليه كنفقة حجة. انتهى.

وقول الجمهور في هذه المسألة هو الأحوط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني