الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التألم بالموت وحال الإنسان بعده

السؤال

هل الموت وانتزاع الروح مؤلم ؟ وأي اللحظات أكثر راحة للعبد الدنيا أم القبر ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن انتزاع الروح مؤلم، وكل نفس تتألم بالموت لكن ذلك مختلف شدة وضعفا، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم أجمعين كان يقول عند موته: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات. رواه البخاري عن عائشة، وفي رواية في الصحيح أنها كانت تقول: فلا أكره شدة الموت لأحد أبداً بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

قال في تحفة الأحوذي: .... لما رأيت شدة وفاته علمت أن ذلك ليس من المنذرات الدالة على سوء عاقبة المتوفى, وأن هون الموت وسهولته ليس من المكرمات. انتهى.

وقال الحافظ: وفي الحديث أن شدة الموت لا تدل على نقص في المرتبة؛ بل هي للمؤمن إما زيادة في حسناته، وإما تكفير لسيئاته. انتهى.

وقال صاحب روح المعاني: كل نفس تتألم بالموت.. لكن ذلك مختلف شدة وضعفا...

والعبد إذا نجا من عذاب القبر فهو في راحة، وما بعد القبر والموت أسهل بعكس من لم ينج لفسقه وكفره، وقد روى عثمان بن عفان رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

وجاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: فما بعده أي من المنازل أيسر منه أي أسهل وأهون؛ لأنه يفسح للناجي من عذاب القبر في قبره مد بصره, وينور له, ويفرش له من بسط الجنة, ويلبس من حللها, ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها, وكل هذه الأمور مقدمة لتيسير بقية منازل الآخرة, وإن لم ينج منه أي لم يخلص من عذاب القبر, ولم يكفر ذنوبه, وبقي عليه شيء مما يستحق العذاب به فما بعده أشد منه؛ لأن النار أشد العذاب, فما يحصل للميت في القبر عنوان ما سيصير إليه. انتهى.

وفي الصحيحين عن أبي قتادة بن ربعي: أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال: مستريح ومستراح منه، قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه؟ فقال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني