الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إقناع من لم يعتقد بكفر النصارى

السؤال

كيف نرد على من لا يقتنع بأن النصارى كافرون؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما يؤسف له أن يوجد في المنتسبين إلى الإسلام من يجهل كون من دان غير هذا الدين كافرا مخلدا في النار، ومن أنكر هذا وجحده فهو على خطر عظيم، وكيف يشك هذا الإنسان في كفر من سب الله تعالى ووصفه بالنقائص والعظائم فقال: إنه ثالث ثلاثة، وإن له ولدا تعالى الله عما يقول الظالمون المفترون علوا كبيرا، وكيف يشك في كفر من سب النبي صلى الله عليه وسلم وزعم أنه كاذب في دعواه الرسالة؟! وأن القرآن إفك افتراه حاشاه صلى الله عليه وسلم. ولقد صرح العلماء بأن من شك في كفر الكافر المعلوم كفره بالضرورة كاليهود والنصارى فإنه كافر مثله والعياذ بالله.

قال الحجاوي رحمه الله في الإقناع ضمن ما يوجب الردة: أو لم يكفر من دان بغير الإسلام كالنصارى، أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم، أو قال قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة أو تكفير الصحابة - فهو كافر. وقال الشيخ: من اعتقد أن الكنائس بيوت الله وأن الله يعبد فيها، وأن ما يفعل اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر. وقال في موضع آخر: من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد، وإن جهل أن ذلك محرم عرف ذلك، فإن أصر صار مرتدا. انتهى.

وأما الرد عليه فيكون بتلاوة الآيات التي لا لبس فيها ولا غموض، وليست محتملة للتأويل وهي مصرحة بكفر النصارى، كقوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ {المائدة:17}. وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ. {المائدة:73}. وقال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {التوبة:30-31}. وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ {البينة:6}. وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي أرسلت به إلا أدخله الله النار.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: اليهود والنصارى كفار كفرا معلوما بالاضطرار من دين الإسلام.

وقال أيضا رحمه الله: قد ثبت في الكتاب، والسنَّة، والإجماع: أن من بلغته رسالته صلى الله عليه وسلم فلم يؤمن به فهو كافر، لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد؛ لظهور أدلة الرسالة، وأعلام النبوة.

وقال ابن حزم رحمه الله: واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفارا. انتهى.

وتتبع كلام العلماء في هذا يطول جدا، فبين له ما ذكرنا من دلالة الكتاب والسنة والإجماع، وأنه إن لم ينته عما يعتقد فهو على خطر عظيم. نسأل الله السلامة والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني