الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا راجع الزوج امرأته بعد طلاقها فادعت انقضاء عدتها فمن الذي يؤخذ بقوله

السؤال

كنت متزوجا قبل 3 سنوات من فتاة ولم تدم فترة الزواج سوى 6 شهور، وخلال هذه الفترة وبالتحديد في ليلة الدخلة اتضح لي أن الزوجة ليست بكرا وأنها على علاقة برجل آخر وقد رأيت هذه العلاقة بأم عيني، وعندما علمت بأنني كشفت ما هو مستور من علاقة غير شرعية وخيانة زوجية مع أنني لم أكن أنوي فضح هذا كله ولكن ماجرى هو أنها سرقت مبلغ 5000 ريال قطري دون علمي وسافرت خارج البلاد مع شخص لا يحل لها دون علمي كزوج، وعندما طلبت منها العودة إلى المنزل رفضت وبدأت بوضع شروط للرجعة وفي هذه الحالة طلقتها طلقة أولى قابلة للرجعة، وعندما أرجعتها قبل انقضاء المدة في المحكمة حلفت على المصحف أن الرجعة غير صحيحة وأن العدة قد انتهت بانتهاء فترة الحيض، والجدير بالذكر أنها ذكرت تواريخ متضاربة أمام القاضي وجميع هذه التواريخ بعد الرجعة، وهي الآن تطلب نفقة العدة وغيرها، والسؤال: هل علي أن أدفع النفقة وكل ما تطلبه؟ وأنا الآن لا أعمل وليست لي وظيفة أصرف منها على نفسي وعائلتي الجديدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول للسائل إن ما ذكره عن امرأته من عدم وجود البكارة ما كان ينبغي له ذكره الآن، إذ لا فائدة في ذكره، لأن الظاهر أنه رضي به، وما يومئ إليه من اتهام المرأة في عرضها أمر خطير فأعراض المسلمين مصانة فهي كأموالهم ودمائهم محترمة ولا يجوز اتهام المسلم في عرضه بمثل ما يفهم من كلام السائل بغير بينة قاطعة من إقرار أو أربعة شهود، فكان على السائل بدل هذا الاتهام أن يطلق، إذ كان عنده ريبة في المرأة ويسترها ولا يفضحها أو يمسكها بمعروف ويحول بينها وبين ما تمارسه من المحرمات كالسفر بدون محرم وكالاستمرار في العلاقة المحرمة، وإن أبت أن تطيعه في الرجوع إلى بيته يعاملها معاملة الناشز، وله أن لا يطلقها حتى تتنازل له عن مال، أما وقد طلقها دون أي عوض فيجب عليه أن يعطيها كامل حقوقها كأي مطلقة، أما عن السؤال: فالجواب أنه إن كانت دعواك للرجعة تأخرت حتى انقضت عدة زوجتك وأنكرت زوجتك الرجعة فقولها هو المعتبر، وأما إن كنت بادرت بدعوى الرجعة في زمن يمكن فيه انقضاء العدة وأنكرت زوجتك حصول الرجعة قبل انقضاء العدة ففي قبول قولك خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة رحمه الله: وَإِنْ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا: كُنْت رَاجَعْتُك فِي عِدَّتِك، فَأَنْكَرَتْهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِإِجْمَاعِهِمْ، لِأَنَّهُ ادَّعَاهَا فِي زَمَنٍ لَا يَمْلِكُهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَحُصُولُ الْبَيْنُونَةِ، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا، وَبَقَاؤُهَا، فَبَدَأَتْ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي، فَقَالَ: قَدْ كُنْت رَاجَعْتُك، فَأَنْكَرَتْهُ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، لِأَنَّ خَبَرَهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مَقْبُولٌ، لِإِمْكَانِهِ، فَصَارَتْ دَعْوَاهُ لِلرَّجْعَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَلَمْ تُقْبَلْ، فَإِنْ سَبَقَهَا بِالدَّعْوَى، فَقَالَ: قَدْ كُنْت رَاجَعْتُك أَمْسِ، فَقَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ دَعْوَاك، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، لِأَنَّ دَعْوَاهُ لِلرَّجْعَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي زَمَنٍ الظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِيهِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي إبْطَالِهِ، وَلَوْ سَبَقَ فَقَالَ: قَدْ رَاجَعْتُكِ، فَقَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ، فَأَنْكَرَهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، لِمَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ، سَوَاءٌ سَبَقَهَا بِالدَّعْوَى، أَوْ سَبَقَتْهُ، وَهُوَ وَجْهٌ ثَانٍ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

وما دامت المسألة محل خلاف فالذي يفصل فيها هو القضاء الشرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني