الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إنفاق الولد على أمه بين الوجوب وعدمه

السؤال

لدي أم متزوجة وزوجها ـ ليس والدي ـ حالته متوسطة أو دون المتوسطة، مع العلم أن زوجها شيعي، فهل تجب علي النفقة عليها وأنا مدين بديون للناس؟ وهل إن لم أنفق عليها يقبل غضبها مني أو عدم رضاها؟ وإن وفيت ديوني فهل تجب علي النفقة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوج أمك موسرا بحيث يقدر على النفقة الواجبة لها، فهو المسئول عن الإنفاق عليها دون غيره، وأما إن كان غير قادر على الإنفاق عليها فنفقتها إن لم يكن لها مال واجبة عليك وحدك ـ إن لم يكن لها ولد غيرك ـ وانظر الفتوى رقم: 59449.

وإن كان زوجها قادرا على الإنفاق عليها، لكنه ممتنع من ذلك ولم يمكن إجباره على الإنفاق فنفقتها واجبة عليك حينئذ؛ لكن لا تجب عليك نفقتها إلا إذا كنت تملك ما تنفقه فاضلا عن حاجاتك الأصلية، قال ابن قدامة: ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط : ........ الثاني: أن تكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه إما من ماله وإما من كسبه، فأما من لا يفضل عنه شيء فليس عليه شيء.

وهذه النفقة مقدمة على قضاء الديون، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ويباع فيها أي نفقة القريب ما يباع في الدين من عقار وغيره، لأن نفقة القريب مقدمة على وفاء الدين. انتهى.

وفي المغني لابن قدامة عند قول الخرقي: وينفق على المفلس وعلى من تلزمه مؤنته ـ وتقدم أيضا نفقة من تلزمه نفقته من أقاربه، مثل الوالدين، والمولودين، وغيرهم، ممن تجب نفقتهم، لأنهم يجرون مجرى نفسه.

وانظر الفتوى رقم: 22300.

وحيث كانت نفقتها غير واجبة عليك فلا يضرك غضبها أو عدم رضاها بسبب تركك الإنفاق عليها، لكن مع ذلك فإن قدرت على إعطائها من المال ما لا يضرك أو يجحف بك فالأولى أن تعطيها لتكسب رضاها، فإن حق الأم عظيم وبرها والإحسان إليه من أفضل الأعمال، جاء في الفروق للقرافي: قِيلَ لِمَالِكٍ ... يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: لِي وَالِدَةٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجَةٌ فَكُلَّمَا رَأَتْ لِي شَيْئًا قَالَتْ: أَعْطِ هَذَا لِأُخْتِك فَإِنْ مَنَعْتُهَا ذَلِكَ سَبَّتْنِي وَدَعَتْ عَلَيَّ، قَالَ لَهُ مَالِكٌ: مَا أَرَى أَنْ تُغَايِظَهَا وَتَخْلُصَ مِنْهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَيْ وَتَخْلُصَ مِنْ سَخَطِهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني