الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يشرع فعله لمن اختلس ماله وهل يحل له قتل المختلس

السؤال

تم اختلاس مالي وهو مبلغ يزيد عن 1000 دولار، وقد كذب علي آخذ المال دون إرجاعه، وقد أعطيته المال على دفعتين لدعواه أن المال لا يكفي من غير تفصيل، وطلبت منه إرجاع المال أكثر من مرة عن طريق المكالمات الهاتفية، لكنه يتذمر ويهرب من الموضوع واكتشفت أنه غير صادق ويكذب في كلامه كثيرا، وعرفت عن هذا الرجل أنه سرق جوال شخص من قبل وأنه مبلغ عنه في مركز الشرطة وكان لدي أكثر من دليل ضد هذا الشخص وجميعها فقدتها، لذلك أفكر أن آخذ حقي بيدي، وهو يعتقد أنني لا أعرف مكانه ولا أستطيع الوصول إليه، وأريد أن أسأل السؤال المهم وبعيدا عن القانون: هل يجوز لي قتل هذا الشخص؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن اختلاس أموال الناس وجحدها منكر عظيم، ولكن لا يجوز لك مطلقاً أن تقتل هذا الشخص بسبب أنه اختلس مالك فالقتل ليس عقوبته شرعا، وإنما يعاقبه ولي الأمر بالحبس ونحوه حتى يرد المال إلى صاحبه، واعلم أن قتل النفس من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}.

وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70}.

وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق...الحديث.

وفي صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً.

وغاية ما يمكنك فعله هو أن ترفع أمره إلى السلطات وتقدم أمامها ما عندك من إثباتات ضده، وإذا كنت ببلد لا يوجد فيه من يحكم بالشرع فلا بأس برفع الأمر إلى المحاكم الوضعية إن كانت تقوم باسترداد الحقوق ودفع الظلم، فقد ذكر أهل العلم أنه إذا لم يوجد العدل أقيم شبه العدل مقامه، لئلا تضيع الحقوق، كما قدمنا في الفتوى رقم: 100329.

كما أنه يجوز لك إذا ظفرت بمال له أن تأخذ منه بقدر حقك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني