الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النفقة على العيال من أفضل الصدقة

السؤال

أبي يقصر علينا في الأكل رغم أنه غني بحجة أنه يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان لا يجد طعاما في منزله وكان يأكل التمر والماء، فهل هو على حق؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن النفقة على الأولاد الصغار الذين لا مال لهم واجبة على الأب باتفاق العلماء، قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.

والنفقة على العيال من أفضل الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله.

قال أبو قلابة: بدأ بالعيال وأي رجل أعظم أجرا، من رجل ينفق على عيال صغار، يعفهم أو ينفعهم الله به ويغنيهم. رواه مسلم.

والامتناع من النفقة الواجة محرم، وعده بعض العلماء من كبائر الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس، عمن يملك قوته. رواه مسلم.

وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 2145، 64155، 54907.

والواجب من النفقة على الأولاد هو كفايتهم بالمعروف، وهي غير مقدرة، قال النووي: نفقة القريب لا تتقدر، بل هي قدر الكفاية، وعن ابن خيران أنها تتقدر بقدر نفقة الزوجة، والصحيح الأول، لأنها تجب لتزجية الوقت ودفع حاجته الناجزة، فتعتبر الحاجة وقدرها، حتى لو استغنى في بعض الأيام بضيافة وغيرها، لم تجب، وتعتبر حاله في سنه وزهادته ورغبته، فالرضيع تكفي حاجته بمؤنة الإرضاع في الحولين، والفطيم والشيخ ما يليق بهما، ولا يشترط انتهاء المتفق عليه إلى حد الضرورة، ولا يكفي ما يسد الرمق، بل يعطيه ما يستقل به، ويتمكن معه من التردد والتصرف، ويجب الأدم كما يجب القوت، وفي التهذيب نزاع في الأدم. اهـ.

وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 8497، 151817، 161997.

أما احتجاج والدك في تقصيره في النفقة على عياله بأنه يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو احتجاج في غير محله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك بخلا وشحا بالمال وحاشاه من ذلك عليه الصلاة والسلام وهو أكرم الخلق، بل لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يجد شيئا غير ذلك، كما جاء في البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت لعروة: ابن أختي: إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت يا خالة: ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء.

مع العلم أنه يسقط وجوب نفقة الوالد على ولده إذا بلغ ووجد كسبا، أو كان الولد له مال، قال ابن قدامة رحمه الله: ويشترط لوجوب الإنفاق شروط أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به فلا نفقة لهم، لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني