الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سفر من يخدم جده للكسب بوجود أولاده

السؤال

السلام عليكم: أعيش مع جدي وعمتي أقوم بخدمتهم (التسوق ما إلى ذالك... ) إذا حصلت على عمل بعيد أذهب إليه علما أن جدي كبير في السن وكل أولاده متزوجون يعملون بعيدا جدا
هل علي اثم اذا تركتهم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجد يجب بره كما يجب بر الأبوين وتجب نفقته عند الجمهور خلافا للمالكية ففي الموسوعة الفقهية : ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والشافعية والحنابلة ) إلى أن نفقة الجد واجبة على حفيده سواء أكان وارثا أم غير وارث ... لقوله تعالى : { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ومن المعروف القيام بكفايتهما عند حاجتهما . ... وذهب المالكية إلى عدم وجوب نفقة الجد على ولد الولد . اهـ

ويدخل في هذا خدمتهما فقد جاء في غذاء الألباب للسفاريني: ومن حقوقهما خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة. انتهى.
وقال الخادمي في بريقة محمودية : للوالدين على الولد عشرة حقوق : الأول إذا احتاجا إلى الطعام أطعمهما. الثاني : إذا احتاجا إلى الكسوة كساهما إن قدر. الثالث : إذا احتاجا إلى الخدمة خدمهما ....اهـ
ولكنه يشترط عند الموجبين لنفقة الجد أن لا يوجد من هو أقرب للجد من أولاد الصلب فإن وجد أحدهم تعينت عليه الخدمة بنفسه أو أن يؤجر له من يخدمه. قال ابن حزم: وإن كان الأب , والأم محتاجين إلى خدمة الابن أو الابنة - الناكح أو غير الناكح - لم يجز للابن ولا للابنة الرحيل , ولا تضييع الأبوين أصلا , وحقهما أوجب من حق الزوج والزوجة - فإن لم يكن بالأب والأم ضرورة إلى ذلك فللزوج إرحال امرأته حيث شاء مما لا ضرر عليهما فيه .اهـ من المحلى

وقال النفراوي في الفواكه الدواني: وكما يلزم الولد الموسر نفقة أبويه الفقيرين يلزمه نفقة خادمهما وظاهره , وإن كانا غير محتاجين إليه , نعم يظهر أنه يلزمه اتخاذ خادم لهما إن احتاجا إليه. اهـ

وقال النووي في المنهاج : ومن استوى فرعاه أنفقا , وإلا فالأصح أقربهما , فإن استوى فبالإرث في الأصح ....اهـ

قال المحلي في شرح المنهاج : ( ومن استوى فرعاه ) في القرب والإرث أو عدمهما ( أنفقا ) بالسوية بينهما وإن تفاوتا في اليسار كابنين أو بنتين وكابني ابن أو بنت ( وإلا ) أي وإن اختلفا فيما ذكر بأن كان أحدهما أقرب والآخر وارثا . ( فالأصح أقربهما ) لأن القرب أولى بالاعتبار من الإرث ....اهـ
وقال ابن قدامة في المغني : ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط : أحدها , أن يكونوا فقراء , لا مال لهم ...
الثاني , أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم ...
الثالث , أن يكون المنفق وارثا ; لقول الله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } . ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضي كون الوارث أحق بمال الموروث من سائر الناس , فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم , فإن لم يكن وارثا لعدم القرابة , لم تجب عليه النفقة لذلك . وإن امتنع الميراث مع وجود القرابة , لم يخل من ثلاثة أقسام ; أحدها : أن يكون القريب محجوبا عن الميراث بمن هو أقرب منه , فينظر ; فإن كان الأقرب موسرا فالنفقة عليه , ولا شيء على المحجوب به ; لأن الأقرب أولى بالميراث منه , فيكون أولى بالإنفاق ... اهـ
وبناء عليه؛ فلك أن تسافر للكسب وعلى أولاد الجد المباشرين أن يؤجروا له من يخدمه أو يتناوبوا على خدمته بانفسهم فقد قال الشيخ سليمان الجمل : لو لزمته كفاية أصله احتاج لإذنه إن لم ينب من يمونه من مال حاضر وأخذ منه البلقيني أن الفرع لو لزمت أصله مؤنته امتنع سفره إلا بإذن فرعه إن لم ينب. كما مر. ا هـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني