الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين قيام الليل بالصلاة وطلب العلم أفضل

السؤال

هل تحصيل العلم بعد وقت العشاء قيام لليل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المراد بالعلم هنا العلم الشرعي، فإن دراسته وتحصيله من أعظم العبادات وأفضلها إذا صحت النية، وهو من قيام الليل وإحيائه كما ذكر أهل العلم، ففي سنن الدارمي: عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تَدَارُسُ الْعِلْمِ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ خَيْرٌ من إحيائها. رَوَاهُ الدَّارمِيّ.

ففي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: تَدَارُسُ الْعِلْمِ: بَيْنَ النُّظَرَاءِ أَوِ الشَّيْخِ وَتَلَامِذَتِهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ كِتَابَتُهُ وَتَفَهُّمُهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ، الْأَبْلَغُ أَنْ يُرَادَ بِالسَّاعَةِ اللُّغَوِيَّةُ لَا الْعُرْفِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ إِحْيَائِهَا أَيْ: مِنْ إِحْيَاءِ اللَّيْلِ بِالْعِبَادَةِ، لِمَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوحِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَبْعَدَ ابْنُ حَجَرٍ فَقَالَ: مِنْ إِحْيَاءِ تِلْكَ السَّاعَةِ بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ حَيَاةُ النُّفُوسِ. انتهى.

وفي رد المحتار على الدر المختار في الفقه الحنفي في بيان فضل تعلم العلم عند قول المؤلف: وَأَمَّا فَضْلُه فَكَثِيرٌ شَهِيرٌ، وَمِنْهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا النَّظَرُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، قال: قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ أَيْ بِالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَفْضَلَ، لِأَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا يَحْتَاجُهُ، وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ. انتهى.

وقد سبقت لنا فتوى فيما يتعلق بالموضوع برقم: 172399.

مع التنبيه على أن الأفضل هو الجمع بين قيام الليل بالصلاة وطلب العلم، لأن قيام الليل من أسباب الإعانة على العلم وترسيخه، وبه يفتح الله على العبد من الفهم ما لم يخطر بالبال، ففي المدخل لابن الحاج المالكي: وَفِي قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ الْفَوَائِدِ جُمْلَةٌ، فَلَا يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَفُوتَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَمِنْهَا: أَنْ يَحُطَّ الذُّنُوبَ كَمَا يَحُطُّ الرِّيحُ الْعَاصِفُ الْوَرَقَ الْيَابِسَ مِنْ الشَّجَرَةِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ يُنَوِّرُ الْقَلْبَ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُحَسِّنُ الْوَجْهَ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُذْهِبُ الْكَسَلَ، وَيُنَشِّطُ الْبَدَنَ.

الْخَامِسُ: أَنَّ مَوْضِعَهُ تَرَاهُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ السَّمَاءِ كَمَا يَتَرَاءَى الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ لَنَا فِي السَّمَاءِ. انتهى.

ولبيان فضل قيام الليل والترغيب فيه تراجع الفتوى رقم: 2115.

والنية الصحيحة لطلب العلم مبينة في الفتوى رقم: 111647.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني