الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس في الإيمان والعقيدة التي يدفعها صاحبها لا أثر لها

السؤال

قبل سبع سنوات عندما حاولت الخشوع والتفكر في صلاتي بدأت رحلتي مع الوسواس
بدأ بوسواس الطهارة, وانتهيت بوسواس مدمر في العقيدة ـ حديث في نفسي لا أنطق به أبداً ـ ولكني لم أستطع إسكاته( على هيئة خواطر لا يحتملها العقل فيها إلحاد وشك سخرية واستهزاء بكل ما هو من الدين وكفر بأنعم الله , تكذيب لكل ماهو من الدين,الشك بكل شيء حتى بوجود الخالق سبحانه, سب وشتم واعتراض وتسخط, سوء ظن بالله, تكبر واستعلاء)
في عامي الأول معه قاومته حتى وصلت إلى درجة الجنون ( بكاء دائم..خوف من عذاب الله.. شعور بالذنب ..شلل تام في التفكير والمفاهيم فلا حقائق ثابتة)
وصلت لمرحلة مع الوسواس حتى إنه أثر على يقيني بديني , تغيرت مفاهيم الخير والعدل عندي .. أصبحت أطلب دليلا عقلياً على كل شيء في الدين ,افتقدت التسليم بشرع الله(فسبع سنوات كفيلة بعمل غسيل دماغ)
أحتاج إلى جهد كبيير كي أثبت وجود لله,فقد كتبت الآيات الدالة على وجود الله في ورقة كي أقرأها عندما تهجم على الأفكار الكفرية, ومؤخراً أصبحت هذه العملية لا تجدي تماماً .. فكثيراً ما قرأتها ثم عدت لوسواسي في الصلاة حتى ذهبت من نفسي رهبة هذه الأدلة .. أقرؤها ولا تدخل قلبي
ومع هذا عندما تأتيني هذه الأفكار أشعر كأنه قد أغلق على قلبي وعقلي في حفرة لا أستطيع الخروج منها ولا أستطيع أن أفكر في شيء آخر سواها فأجد في نفسي ميلا لها كون الله سبحانه وتعالى لم يحفظني منها
فقد تشكلت في عقلي الباطن صورة سيئة عن الله سبحانه وتعالى وعن الدين وعبارات سيئة ترد عند سماعي لهم على بالي فجأة ..لا أستطيع دفعها فأشعر بالضيق لأني أعلم أنها خطأ
وفي كل مرة أفيق .. فأندم .. فأستغفر .. حتى اعتدت هذه العملية بل أشعر أني أكذب على الله تعالى بتوبتي وأعلم أن لا طاقة لي بالتوقف عنها لأني لا أستمر أكثر من 12 ساعة وأقع فيه مرة أخرى مع علمي بأنه خطأ ولكن لا سبيل لرده
في رمضان هذا اغتسلت ست مرات بنية الدخول إلى الإسلام ..
س1: هل يجب علي الاغتسال إذا وجدت في نفسي ميلا لهذه الأفكار .. مع العلم أني أجد صعوبة في التمييز بين مصادر الأفكار التي بداخلي
ـ من كثرة ما مرت آيات الجبار وتأثري بها لحظيا ثم عودتي لما كنت عليه من وسواس وشكوك ضعفت هيبة هذه الآيات في قلبي تماماً كقولهم:(قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم)أشعر أنما أنا فيه عذاب من الرحمن بعد أن استمرأت الاستسلام للوسواس مع كل هذه الأدلة التي حولي..عندما أمر على آيات الكفار والمنافقين أشعر أنها تتحدث عني س2: بصدق .. هل أنا منهم ؟ بمعنى عندما يكفر الكافر بآيات الله هل يحدث هذا بالطريقة التي تحدث معي ؟ ( يتأثرون ثم يجدون لأنفسهم مخرجا بتكذيبها ثم تزول الرهبة من قلوبهم )؟ مع فارق أني شعر بأني على خطأ عندما تهجم علي الوساوس ولكن لا أملك ردها وتزول من قلبي هيبة الدليل ..
ـ أحاول أن أجتهد في العبادات لعلمي السابق أن الله حق .. لكن من قبح ما أجد في نفسي أشعر أني أحفر في بحر, قالوا إن العبادات هي السبيل لتزكية القلوب لكن لا أجد شيئا من هذا بل لا أظن أن الله يتقبل مني أصلاً .. س3:هل أثاب على أعمالي الصالحة التي أدخل فيها بنية صحيحة ثم تفسدها علي هذه الأفكار؟ هل يجب علي أن أوقف هذه الأفكار ثم أنتقل للعبادة ؟
مع العلم أني كنت ـ فيما مضى ـ متمسكة بديني..
وطوال هذه السنوات لم أترك الصلاة (بل أكررها أكثر من مرة ) ولا السنن الرواتب وظاهري قمة في الالتزام, بل إن بعضهم يأتي ليستفتيني !!..
كما أني لا أوسوس في عباداتي إذا لم أحاول الخشوع فيها وتذكر عظمة الله.. ولكن
أعتقد أن عبادة كهذه لا تغني عني من الله شيئاً, فأنا أريد أن تكون عبادتي لخالقي عبادة حقيقية تليق بعظمته وليست صورية ..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهوني عليك أيتها الأخت الكريمة، فكل ما تشتكين منه ليس إلا محض وساوس يلقيها الشيطان في قلبك ليكدر صفو عيشك ويفسد عليك حياتك، وأما أنت فعلى الإسلام والحمد لله لم تخرجي منه البتة، ولا تخرجين منه بمجرد هذه الوساوس فإنك والحمد لله كارهة لها نافرة منها وإن حاول الشيطان أن يوهمك غير ذلك، فثقي واجزمي بأن هذه الوساوس لا تضرك أبدا ولا تؤثر في إيمانك، ولا يلزمك إذا عرضت لك هذه الوساوس غسل ولا غيره، وإنما عليك أن تسعي في مجاهدة هذه الوساوس والتخلص منها بإهمالها وعدم الالتفات إليها مهما عظمت أو تزايدت، فإنك متى استعنت بالله تعالى على التخلص منها أعانك ووفقك حتى تذهب عنك، واعلمي أنك تؤجرين على مجاهدة هذه الوساوس والسعي في محاربتها، وأن هذه الوساوس من البلاء الذي تؤجرين إن شاء الله بالصبر عليه لأنه نوع من المرض، وانظري الفتوى رقم: 147101 ، وما أحيل عليه فيها. ولست بحمد الله من الكفار ولا المنافقين فاقتنعي بهذا وثقي به تمام الثقة، وأنت قادرة على دفع هذه الوساوس عنك بيسير من المجاهدة مع الاستعانة بالله تعالى، وزعمك أنك لا تستطيعين إنما هو من جملة إيهام الشيطان لك وتلبيسه عليك، وعباداتك صحيحة قبل عروض الوساوس وبعد عروضها، ولا تقطعي شيئا من عباداتك إذا عرضت لك الوسوسة فإنها لا تؤثر في صحة العبادات البتة، وليست هذه الوساوس عذابا من الله ولا دليلا على سخطه عليك بل ربما كانت لمزيد رفع درجتك ولتنالي منزلة عند الله لا تبلغينها بصالح العمل وليمحص الله إيمانك ويزيد ثباتك على الدين. هذه نصيحتنا لك ونحن واثقون من أنك ستعملين بها وتستجيبين لها لأن سؤالك يدل على أن فيك خيرا عظيما وحبا لدين الله تعالى كبيرا ورغبة في الشفاء قوية، ومتى صدقت عندك هذه الرغبة في الشفاء حصل لك المطلوب بإذن الله، ويمكنك لمزيد الفائدة مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني