الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يسوغ مطالبة الدولة للمدين بالزكاة

السؤال

شخص مغترب ومديون من تكاليف العلاج لوالدته وأولاده ورغم ذلك تطالبه الدولة بأداء الزكاة حتى بعد حلفه لليمين بصدق أقواله وهو مجبور للاستدانة لتسديد الزكاة التي فرضت عليه وإلا ستتوقف معاملاته ما حكم ذلك في الإسلام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجمع الزكاة من مهمات ولي الأمر كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 121371 ، فإن كان لديك مال تجب زكاته وطلب الإمام أن تدفع الزكاة إليه وجب عليك بذلها، وإن كنت مدينا ورأى الإمام أخذ الزكاة منك وجب عليك البذل كذلك لأن في منع الدين للزكاة خلافا، فإذا أخذ الإمام المال بتأويل لم يمنع وكان بمنزلة الفرض.

قال ابن قدامة: إذَا أَخَذَ السَّاعِي أَكْثَرَ مِنْ الْفَرْضِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، مِثْلُ أَنْ يَأْخُذَ شَاتَيْنِ مَكَانَ شَاةٍ، أَوْ يَأْخُذَ جَذَعَةً مَكَانَ حِقَّةٍ، لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ. وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ، مِثْلُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّحِيحَةَ عَنْ الْمِرَاضِ، وَالْكَبِيرَةَ عَنْ الصِّغَارِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْحِصَّةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَإِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَخْذِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْفَرْضِ الْوَاجِبِ. انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية: أما لو طلب الإمام العادل الزكاة فإنه يجب الدفع إليه اتفاقا، وسواء كان المال ظاهرا أو باطنا، والخلاف في استحقاقه جمع زكاة المال الباطن لا يبيح معصيته في ذلك إن طلبه، لأن الموضع موضع اجتهاد، وأمر الإمام يرفع الخلاف كحكم القاضي، كما هو معلوم من قواعد الشريعة. انتهى.

فإذا طلب الإمام منك دفع ما في وجوبه اجتهاد وجب البذل، ولبيان الخلاف في منع الدين الزكاة انظر الفتوى رقم: 124533 ، ثم إن كنت غارما -كما تقول- فإنك مستحق للزكاة فيجوز أن يدفع غيرك زكاة ماله إليك. ولبيان صفة الغارم الذي يستحق الزكاة انظر الفتوى رقم: 127378.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني