الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يعتقد نقص القرآن والرد على من زعم أن عمر اعترف بنقصه

السؤال

قال لي أحد الاشخاص إن عمر قال: وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لكتبتها، يقصد آية الرجم، وأنه يعترف بنقص القرآن و قوله لكتبتها يعني أنها غير منسوخة وأنه لو كانت منسوخة لقال ذلك، و إن أبي بن كعب قال إن سورة الأحزاب ناقصة، و إنها لو كانت منسوخة لقالوا ذلك، فما الرد؟ وما حكم من يعتقد بنقص القرآن؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن الخطأ العظيم والاصطياد في الماء العكر، محاولة تصيد أخطاء للخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بعد ما ثبتت تزكيته في نصوص الوحي، وزكاه خيار السلف، وقد بينا طرفاً من الأدلة وكلام السلف في فضل عمر رضي الله عنه في الفتوى رقم: 102220، والفتوى رقم: 64577، وما أحيل عليه فيهما.
وأما عن قضية الرجم فإن آية الرجم منسوخة التلاوة باقية الحكم وقد أنزلت وقرأها الناس، وفهموا منها حكم الرجم، فلما تقرر ذلك في نفوسهم نسخ الله لفظها، والتعبد بتلاوتها، وأبقى حكمها الذي هو المقصود، فقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل، أو الاعتراف، وقد قرأ بها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم. متفق عليه.
وفي رواية الترمذي عن عمر قال: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجم أبو بكر ، ورجمت ، ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله تعالى ، لكتبته في المصحف ، فإني خشيت أن تجيء أقوامٌ فلا يجدونه في كتاب الله تعالى ، فيكفرون به . اهـ

وليس في قول عمر هذا أي اعتراف بنقص القرآن ولكنه يؤكد بقاء حكم الرجم لثبوته بالآية التي كانت من القرآن ثم نسخت ولذلك خاف على الناس الهلاك بإنكار الحد الوارد فيها فقال ما قال، وقوله في رواية الترمذي : ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله تعالى واضح الدلالة على اعتقاده كمال القرآن وأن ما يضاف اليه يعتبر زيادة.
وأما بالنسبة لسورة الأحزاب فقد ثبت عن أُبي بن كعب انه قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، فكان فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. رواه أحمد ، وقال ابن كثير في تفسيره : وهذا إسناد حسن. اهـ

وهذا إخبار منه عما كان قبل النسخ كما قرره جمع من المفسرين منهم القرطبي والنيسابوري والنسفي والشربيني، ويدل له تصريحه بكونها مما رفع فيما رواه أبو داود الطيالسي قال : حدثنا ابن فضالة ، عن عاصم ، عن زر قال : قال لي أبي بن كعب ، رضي الله عنه : يا زر كيف تقرأ سورة الأحزاب ؟ قال : قلت : كذا وكذا آية ، قال : إن كانت تضاهي سورة البقرة ، فإن كنا لنقرأ فيها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله ورسوله فرفع فيما رفع. اهـ

فقوله رفع فيما رفع يعني به النسخ، وقد قال الإمام القرطبي في تفسيره عند بداية سورة الأحزاب:وهي ثلاث وسبعون آية، وكانت هذه السورة تعدل سورة البقرة وكانت فيها آية الرجم: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم، ذكره أبو بكر الأنباري عن أبي بن كعب، وهذا يحمله أهل العلم على أن الله تعالى رفع من الأحزاب إليه ما يزيد على ما في أيدينا وأن آية الرجم رفع لفظها. . . انتهى.
واما القول بتحريف القرآن بنقصانه أو الزيادة عليه ولو بحرف واحد فهو قول باطل، وقد أجمع أهل الإسلام على أن القول بتحريف القرآن كفر مخرج من ملة الإسلام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك، وهؤلاء يسمَّون القرامطة والباطنية، ومنهم التناسخية، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم.

وراجع للاطلاع على المزيد من كلام أهل العلم في هذا الفتاوى التالية أرقامها : 6472، 93103، 6484.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني