الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع للمتضرر أخذ تعويض من شركة التأمين التجاري

السؤال

عندي سؤال يتعلق بالتأمين التجاري المعروف لديكم, فحرمته وإثمه - كما فهمت من موقعكم -واضحة عند الاختيار, وليس عند الاضطرار.
قبل فترة من الزمن كانت سيارتي عند شخص ليصلحها, وأثناء دفعه لها في الشارع صدمها أحد السائقين, وكان السائق الآخر هو من اعتدى على أولوية الطريق بحسب الشرطة, فترتب على هذا أنني أصبحت صاحب حق قانوني في إصلاح سيارتي, ولتحصيل هذا - كما تعلمون - يجب أخذ العوض من الشركة المؤمن عندها السائق الآخر, بعد تثمين الأضرار من قبل أصحاب الاختصاص, وسؤالي يتفرع إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: ما حكم أخذ هذا العوض من شركة التأمين؟ مع العلم أنني كنت قادرًا -بفضل الله- على إصلاح سيارتي دون اللجوء إلى الشركة - بفضل الله -دون حرج يصيبني, وهو ما أعتقد الآن بأنه كان أحوط, فأفتونا - بارك الله فيكم - في هذا الموقف بشكل عام, فقد نتعرض لذلك - لا قدر الله - مرة أخرى, أو ننصح بذلك من حولنا, وما عليّ الآن - إن كان فعلي خاطئًا, وكان حرامًا عليّ ذلك المال -؟
ثانيًا: كانت سيارتي في التصليح قبل الحادث, والأجزاء التي تعرضت للتلف كان بعضها تالفًا جزئيًا أو كليًا, أو في هيئة ليست كالجديد, وعندما أصلحتها على حساب شركة التأمين أصلحت آثار الحادث, وأمورًا كنت سأصلحها, وأشياء كنت راضٍ بوجودها, ولكنها أصبحت بحالة أفضل مما كانت عليه, وهذه الأجزاء بالأصل غير متضررة بالحادث, وحتى الأجزاء المتضررة بالحادث أصبحت بهيئة أفضل مما كانت عليه قبل الحادث, فإن كان عليّ رد المبلغ أو جزء منه - وهذا متعذر كما تعلمون - فكيف أصرفه؟ أفي المرافق العامة أم للفقراء؟
ثالثًا: هل يعتبر البناء الذي يستخدم لتحفيظ القرآن الكريم من المرافق العامة؟ وهل يجوز التخلص من المال الحرام أو الربا أو شبهة الربا بوضعه في هذا البناء؟
جزاكم الله خيرا لما تقدمونه للأمة من فائدة, وأسباب هداية - بفضل الله - في موقعكم هذا, وزادكم بسطة في العلم النافع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الجواب عن سؤالك الأول حول حكم أخذك للتعويض عن الضرر من شركة التامين: فجوابه ما قد بيناه سابقًا من أن للمتضرر أن يقبض التعويض عما لحق به من ضرر من أي جهة أحاله عليها من تسبب في الضرر، سواء كان شركة التأمين أو غيرها؛ لأنه غير مسؤول عن المال الذي كسبه غيره إذا دفعه إليه مقابل استحقاقه هو لهذا المال بصورة مشروعة، وراجع الفتوى رقم: 28964.

وأما السؤال الثاني: وهو كون الإصلاح قد شمل أجزاء كانت تالفة من قبل: والجواب أن ذلك لا حرج فيه إن كانت هذه الأجزاء ضمن ما أصيب في الحادث، أو كان إصلاحها تابعًا لما أصيب، كما لو كان الحادث أصاب أحد الأبواب مثلًا، وكانت فيه خدوش أو إصابات سابقة، واقتضى إصلاح الضرر صبغ الباب كله، فلا حرج في ذلك.

وأما سؤالك الثالث: حول حكم صرف المال الحرام من أجل بناء دار لتحفيظ القرآن أو لصيانتها ونحوه: فجوابه أنه لا حرج في ذلك, فيجوز التخلص من المال الحرام بدفعه لتلك الدار ونحوها مما فيه مصلحة عامة للمسلمين, كبناء المدارس أو المستشفيات, أو صرفها للفقراء والمحتاجين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني