الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للأخ التصرف في نصيبه من البيت بما يضر أخاه

السؤال

ورثت أنا وشقيقيَّ شقة سكنية عن والدتنا - رحمها الله - وقد قمنا بتحرير عقد قسمة بيننا نحن الثلاثة, ووقعنا عليه بالاتفاق على أن يستخدم كل منا نصيبه وفقًا لما يراه مناسبًا له, وكان من بين القسمة جزء منافع على المشاع, وليس ملكًا لأحد, والآن يريد أخي الذي يليني في الشقة أن يفتح نصيبه محلًا تجاريًا, وفي هذه الحالة سيمنعني ذلك من الوصول إلى جزء من نصيبي؛ لأن الباب الخاص بهذا الجزء يفتح مباشرة داخل نصيب أخي المذكور, ولم ننص في العقد على فتح أي فتحات إضافية في نصيبي، كما أنه عند فتح نصيب أخي المذكور كمحل سيمنعني أيضًا من الوصول إلى الجزء المعتبر منفعة عامة على المشاع؛ لأن بابه أيضًا يفتح على نصيب أخي المذكور, فهل يلتزم أخي بترك جزء ولو بسيط ليكون لي حرية الوصول إلى باقي نصيبي الذي يفتح في هذه الحالة على هذا الجزء الذي سيتركه وسيكون ملكًا لأخي وليس لي؟ وكذلك سأتمكن من الوصول إلى الجزء المخصص كمنفعة عامة, أم أنني المسؤول عن تعديل البنايات – الحيطان - الموجودة في نصيبي للوصول إلى هذين الجزأين -؟ وهذا لم يُنَص عليه في عقد القسمة -
والسؤال بصياغة أخرى هو: هل يلتزم أخي شرعًا بترك جزء ولو بسيط حتى لا يمنعني من الوصول إلى باقي نصيبي؟ وكذلك الوصول إلى الجزء المعتبر منفعة عامة طبقًا لعقد القسمة, وكذلك لأن أخي هو من سيقوم بالتغيير في المباني داخل نصيبه ولست أنا؟
أم أن هذا ليس من حقي, وأنني ملزم بإجراء تعديلات في نصيبي لحل المشكلة؟ وفي هذه الحالة سيترتب عليه عدم وصول أخويّ الاثنين إلى الجزء المعتبر منفعة عامة إلا من خلال المرور من نصيبي أنا, وهو خلاف الوضع المتفق عليه بعقد القسمة المشار اليه في بداية السؤال.
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المسألة ينبغي أن تجلسوا ثلاثتكم وتتفقوا فيها على ما يحقق المصلحة ويدفع الضرر, فالصلح خير, وهو في قضايا الخصومة بين ذوي الرحم آكد؛ لأن حكم القاضي قد لا يدفع ما في النفوس, بل يبقي شحناء وبغضاء, ولذا يرى بعض العلماء أن الصلح هو الذي يتعين أن يفض به نزاع ذوي الأرحام, قال ابن عاصم في تحفته:

والصلح يستدعي له إن أشكلا * حكَم وإن تعين الحق فلا

ما لم يخف بنافذ الأحكام * فتنة أو شحنا أولي الأرحام.

وإذا لم تصطلحوا على أمر جامع يحقق لكل منكم المصلحة ويدفع عنه المفسدة, فترفع المسألة للقضاء ليسمع الدعاوى, ويقف على البينات, ويفصل بين الخصوم, ولا تكفي في ذلك الفتوى عن بعد.

غير أننا نبين لك إجمالًا أنه إذا كان تصرف الأخ في نصيبه بما ذكرت سيؤدي إلى سد الطريق عليك وعدم انتفاعك بنصيبك فليس له ذلك, أو يترك لك طريقًا يمكنك من الانتفاع بنصيبك, قال ابن عاصم في تحفة الحكام:

وَمُحْدِثٌ ما فِيهِ لِلْجَارِ ضَرَرْ * محَقَّقٌ يُمْنَعُ مِنْ غَيْرِ نَظَرْ

كالفُرْنِ والبَابِ وَمِثْلِ الأَنْدَرِ * أوْ ما لهُ مَضَرَّةٌ بالجُدُرِ

قال شراحه: ما فيه ضرر محقق بالبينة كونه ضررًا كالأمثلة المذكورة لا محتمل كونه ضررًا، أو كان غير ضرر كصوت الصبيان في المكتب وصوت الرحى ونحوهما، فقد صح عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا ضرر ولا ضرار. رواه في الموطأ وغيره, وللفائدة انظر الفتوى رقم: 156315.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني