الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تهافت الزعم بأن النبي أكل بشماله

السؤال

ما حقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل في بعض الأحيان بيده اليسرى، لرفع الحرج عن المسلمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل بيساره، لا لرفع الحرج ولا لغير ذلك حسب اطلاعنا، بل الثابت عنه النهي عن الأكل بالشمال والأمر بالأكل باليمين، وقد نص أهل العلم على كراهة الأكل والشرب بالشمال، بل ذهب بعضهم إلى تحريمه لورود الأمر بالأكل والشرب باليمين، والنهي عن ذلك بالشمال في أحاديث كثيرة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:34327، وفي صحيح البخاري:عَنْ عَبْدِ الله بنِ جَعْفَر بنِ أبِي طَالِبٍ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا، قَالَ: رَأيْتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ.
قال العيني قي شرح صحيح البخاري: قَوْله: (يَأْكُل الرطب بالقثاء)، وَصفته مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث عبد الله بن جَعْفَر، وَفِيه وَرَأَيْت فِي يَمِين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قثاء، وَفِي شِمَاله رطبا وَهُوَ يَأْكُل من ذَا مرّة وَمن ذَا مرّة، وَفِي إِسْنَاده أَصْرَم بن حَوْشَب وَهُوَ ضَعِيف جدا، وَلَا يلْزم من هَذَا الحَدِيث. لَو ثَبت أكله بِشمَالِهِ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَأْخُذ بِيَدِهِ الْيُمْنَى من الشمَال رطبَة فيأكلها مَعَ القثاء الَّتِي فِي يَمِينه فَلَا مَانع من ذَلِك. انتهى.

وقال أيضا: وزعم القرطبي أن الأكل باليمين محمول على الندب، ولأنه من باب تشريف اليمين، ولأنها أقوى في الأعمال وأسبق وأمكن، ولأنها مشتقة من اليمن والبركة. وفي حديث أبي داود: يجعل يمينه لطعامه وشرابه، وشماله لما سوى ذلك. فإن احتيج إلى الاستعانة بالشمال فبحكم التبعية. انتهى.

وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِثَّاءً، وَفِي شِمَالِهِ رُطَبًا، وَهُوَ يَأْكُلُ مِنْ ذَا مَرَّةً وَمِنْ ذَا مَرَّةً. اهـ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَبْدِيلِ مَا فِي يَدِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْأَكْلُ بِالشِّمَالِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني