الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصد عن طريق العفاف من تزيين الشيطان للوقوع في الفاحشة

السؤال

أنا شاب من إحدى الدول العربية، أبلغ من العمر 32 عاما، أعزب، غير متزوج، أتيت إلى إحدى الدول الغربية لقضاء إجازة، ‏أنا أمارس اللواط منذ سنين، أُعاشر الرجال وليس لدي حب للنساء، وأنا أعلم أني أفعل الفاحشة، وفي نفس الوقت أصلي ‏الصلوات الخمس في أوقاتها: الفجر، والعصر، والعشاء كلها في أوقاتها، وأقرأ يوميا نصف حزب من القرآن بعد صلاة ‏الفجر، وأذكر أذكار الصباح والمساء. وأنا غير مرتاح نفسياً وأنا على هذه الحالة، ففي مرات أعترف بأنني منافق واضح ‏النفاق. أنا أحمد الله على نعمه من ستري وعدم فضحي، وعدم اكتساب الأمراض الفتاكة من مرض الأيدز والأمراض ‏المنقولة جنسياً, أنا أعلم بأن نعم الله سبحانه وتعالى كثيرة علي وأنا لا أشكره سبحانه وتعالى كما ينبغي أن أفعل. بل ‏أفعل الفاحشة، وحتى عندما أكون أفعل الفاحشة مرات أقرأ آية الكرسي، أو المعوذات، أو قل هو الله أحد، أو أستغفر الله ‏على ما أفعله. فأنا دائما والحمد الله أذكر الله بصورة أو أخرى.
حاول أهلي عدة مرات وما يزالون يلحون علي للزوج، ‏ولكن ليست لدي رغبة في العيش مع امرأة أو زوجة، فكل حياتي كانت مع الرجال، فأنا أخاف من النساء، وأضلل ‏نفسي بأن كيدهن عظيم، وأنا لا أرغب في الذرية فهي مسؤولية كبيرة في الرعاية، وتربية الأبناء (كلكم راع وكلكم ‏مسؤول عن رعيته).
أنا في نظر أهلي رجل صالح متعبد لله غير متزوج، ولكن أنا أعلم ما في نفسي الأمارة بالسوء ‏والفاحشة. إن الله سترني والحمد لله وأنا أفضح نفسي بنفسي في هذه الرسالة.‏
المهم ما جعلني أطلب الفتوى هو رأى الدين في خيارين اخترتهما لنفسي:‏
‏1-‏العيش في البلد الغربي وأقدم نفسي كلاجئ من ضمن المثليين جنسياً.‏
‏2-‏التوبة لله تعالي توبة نصوحا، والانتحار، وأنا أعلم أن الانتحار يقود إلى النار ولكن لي أحسن أكون في نار ‏جهنم التي وقودها الناس والحجارة من أن أعيش منافقا لوطيا مجرما، لا أشكر الله على كل نعمه العظيمة الكثيرة ‏الجميلة. فأنا كل ما أتوب وأقلع عن الذنب أرجع إليه بعد فترة قصيرة.‏
أرجو منكم إفتائي في أي الخيارين أختار، أنا أعلم أنه أمر صعب عليكم ولكن أنتم بشر مثلي تحملون ‏الصواب والخطأ, أنا أستطيع أن أتكلم معكم وأتوقع منكم إجابة إن شاء الله.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعتراف المرء بخطئه وذنبه بداية السير في الطريق الصحيح؛ وسلوك سبيل الصلاح بعد الفساد أمر ميسور بإذن الله تعالى. ومن خلال ما ذكرت عن نفسك فمعك كثير من المعينات على التوبة من هذا الفعل الشنيع من الصلاة، وذكر الله، وتلاوة القرآن. قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}، فاتخذ من هذه الأعمال سلما للوصول إلى الصلاح. وبادر إلى التوبة النصوح المستوفية الشروط والتي بيناها بالفتوى رقم: 5450. ونوصيك بحسن الظن بربك وعدم اليأس من روحه أو القنوط من رحمته، وبادر إلى التوبة النصوح مرة أخرى ولو تكرر منك الذنب ولا تيأس، فالعودة إلى الذنب مرة أخرى من غير عزم سابق على العودة إليه لا يعتبر إصرارا؛ كما بينا بالفتوى رقم: 18661.

ولا يعني هذا بحال إقرارك على العودة إلى الذنب وإنما المقصود عدم القنوط، وفتح باب الأمل أمامك حتى لا تقع فيما هو أعظم خطرا ومن ذلك الخياران اللذان ذكرتهما، فكلاهما شر ووبال وسوء وفساد، ولن تجد منهما إلا خسران الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين. والإقامة في بلاد الكفر من أعظم أسباب الفتنة، وتيسير الوصول إلى الفاحشة والحيلولة دون التوبة منها والرجوع إلى الله، ومن كان في مثل حالك تجب عليه الهجرة من هذا البلد الذي يرعى الرذيلة ويهدم الفضيلة، وقد نص أهل العلم على وجوب الهجرة في حق من يخشى على نفسه الفتنة بإقامته في بلاد الكفر، فكيف بمن هو واقع في الفتنة ولا يستطيع عنها حولا. وانظر الفتوى رقم: 2007 والفتوى رقم: 12829.

وأما الانتحار فلا يجوز المصير إليه على كل حال، وليس فيه حل للمشاكل وإنما هو نقلة إلى دار الشقاء حيث العذاب الأليم عياذا بالله تعالى، وهل يفعل مثل هذا عاقل؟! وانظر في الانتحار الفتوى رقم: 10397 والفتوى رقم: 53157. فلم يبق أمامك إذن إلا التوبة والإنابة، وصدق الالتجاء إلى الله مع صدق العزيمة .

وأما بعدك عن الزواج ونفورك منه فقد يكون من آثار وشؤم جريمة اللواط، والشيطان يزين لك هذا الباطل ويشعرك بصعوبة الإقلاع عنه، وفي المقابل يخوفك من الزواج لكونه من أفضل ما يعينك على العفاف، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واحرص على رقية نفسك بالرقية الشرعية حتى يذهب الله عنك وساوسه وشروره وهواجسه وتخويفه. ونوصيك أيضا بالحرص على الصوم فإنه سبيل للعفاف، وملازمة الرفقاء الصالحين والحذر من رفقاء السوء.

ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 3867 - 6872 - 1208.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني