الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القضية الأساس في الحوار الإيمان بالله ثم تلتمس الحِكَم

السؤال

السلام عليكم بداية أعتذر عن الخوض في مثل هذا السؤال ولكني في حيرة من أمري وقد قرأت أجاباتكم المسبقة عن هذا السؤال عن أن الحكمة من الخلق هي عبادته سبحانه وتعالى وعن أننا خلقنا للاختبار ولكن مازال السؤال عندي ما هي الحكمة من خلق الإنسان إذا كان الله عز وجل مستغنياً عنا وعن عبادتنا فلماذا نتعرض لمثل هذا الاختبار أصلا وكان من الممكن عدم خلقنا وتعرضنا لهذا الاختبار أرجو أن يكون سؤالي واضحا كما أرجو أن أتلقى عنه إجابة واضحة لأنني كنت في بعثة بدولة أوروبية وسئلت هذا السؤال من زميل بوذي ولم أستطيع الإجابة عنه حتى الآن واعتذر مسبقا مرة أخرى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الإجابة على هذا السؤال تكون من جانبين:
الجانب الأول: يتعلق بالسائل كواحد من المسلمين آمن بالله تعالى رباً عليماً حكيماً، فالواجب عليه أن يؤمن بأن الله عز وجل لا يفعل شيئاً إلا لحكمة قد نعلمها وقد نجهلها، ولا يتوقف إيماننا بذلك على معرفة هذه الحكمة، بل الواجب علينا هو التسليم، كما قال سبحانه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36].
وهذا لا يمنع من التماس الحكمة ليزداد القلب طمأنينة، ولا يجوز لك كمسلم الالتفات لمثل هذه الوساوس والشبهات، وقد كان المشركون في الجاهلية يجادلون المسلمين ويقولون: ما ذبح الله بسكين من ذهب -يعني الميتة- فهو حرام، وما تذبحون أنتم بسكين فهو حلال، فنزلت: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام:121].
الجانب الثاني: يتعلق بهذا البوذي، فإن الحوار مع أمثال هؤلاء إنما يتم من خلال مناقشتهم عن القضية الأساسية، وهي قضية الإيمان بالله ورسله، لأن كل القضايا الأخرى إنما تنبني على هذا، والحوار معهم في جانب الحكمة قد لا يؤدي إلى نتيجة، لأن الحكمة قد تدرك وقد لا تدرك، ولو أدركت قد يفهمها وقد يقصر فهمه عنها.
فيقال لهذا البوذي: هب أنك لم تدرك الحكمة من خلق الإنسان، فهل يعني هذا أن الكون وما فيه من إبداع وتنظيم وترتيب وجد صدفة، وخلق عبثاً؟
إن الإنسان بأدنى تأمل يدرك أن هذا الوجود لا بد له من موجد حكيم عليم قدير، فإذا أقر بهذا لم يكن له وجه في الاعتراض على حكمته من خلق الإنسان وابتلائه واختباره.
وقد سبق في الفتوى رقم: 5492 بيان أن من الحكم في ذلك ظهور آثار أسماء الله تعالى وصفاته، كما سبق في الفتوى رقم: 17543 بيان فائدة العبادة وحكمتها، وأن تكليف الإنسان بها إكرام له، وإنعام عليه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني