الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجواب عن افتراض تعدد الآلهة وعدم اختلافهم

السؤال

ما البراهين العقلية والنقلية على أن الله تعالى واجب الوجود متصف بصفات الكمال المطلق من كل الوجوه، وأنه لا يجوز عليه أي نقص أبدًا، وأن النقص دلالة على الحدوث والخلق؟ وما البراهين العقلية والنقلية على استحالة تعدد واجبي الوجود؟ وعند فرض تعدد واجبي الوجود مثلًا، فلماذا تكون الغلبة والقهر والشجار بينهم، ولا تكون المفاهمة والصلح، ويكون كل إله له خلقه الخاص، وشأنه الخاص، يتصرف فيه كيفما يشاء، دون التدخل في شأن الإله الآخر؟ وبما أن الله يأمرنا بالصلح والخير، فلماذا عند تعدد الآلهة لا يكون الصلح بينهم؟ وبما أن الله ذو حكمة واسعة، أفلا تقتضي الحكمة ألا يكون القهر والغلبة بينهم، ويكون بينهم الصلح الدائم دون شجار وقهر لبعضهم بعض؟ ألا تقتضي الحكمة أن لا تكون هناك أي شراكة في الخلق بين الآلهة، ويكون كل إله له خلقه وكونه الخاص يتصرف فيه كيفما يشاء، دون التدخل في شأن الإله الآخر؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالله تعالى (الواجب الوجود) لا بدّ أن يتصف بكل صفات الكمال، ويتنزه عن كل صفات النقص، وراجع في أدلة ذلك الفتوى: 163423.

وتعدد واجب الوجود ممتنع، كما سبق بيانه في الفتاوى: 306157، 393355، 306157.

كما أن واجب الوجود، لا يجوز عليه العدم، وراجع في ذلك الفتوى: 400675. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى: 297787، وراجع في تعريف الممتنع والواجب الفتوى: 364606.

وعلى ذلك؛ فافتراض تعدد الآلهة: افتراض باطل ومحال، كما أن افتراض أنه لا يغالب ولا يقهر بعضهم بعضًا، لا يسلم معه هذا الافتراض الباطل، ولو احتمالًا؛ لأن التعدد لا يمكن معه اتحاد الإرادة في كل شيء مطلقًا، فإذا أراد أحدهم شيئًا، وأراد آخر خلافه، فإرادة من ستنفذ؟! والفرض أن الإله لا بد أن تنفذ إرادته.

ثم إن هذا الفرض لا يتعدى حد الممكن، وكونه ممكنًا لا لازمًا يترتب عليه المحال؛ ولذلك قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ..الجزء المخترع محال أن يتعلق به قدرتان فصاعدًا، أو يختلف الإلهان في إرادة: فمحال نفوذهما، ومحال عجزهما، فإذا نفذت إرادة الواحد، فهو العالي والآخر ليس بإله. فإذا قيل: نقدرهما لا يختلفان في إرادة! قيل: ذلك بفرض، فإذا جوزه الكفار قامت الحجة؛ فإن ما التزم جوازه جرى ما التزم وقوعه. اهـ.

وقال في موضع آخر: نقتضب شيئًا من الدليل على أنه لا يجوز أن يكون مع الله تبارك وتعالى غيره، وذلك على ما قال أبو المعالي، وغيره: إنا لو فرضناه؛ لفرضنا أن يريد أحدهما تسكين جسم والآخر تحريكه، ومستحيل أن تنفذ الإرادتان، ومستحيل أن لا تنفذ جميعًا، فيكون الجسم لا متحركًا ولا ساكنًا، فإن صحت إرادة أحدهما دون الآخر فالذي لم تتم إرادته ليس بإله، فإن قيل: نفرضهما لا يختلفان، قلنا: اختلافهما جائز غير ممتنع عقلًا، والجائز في حكم الواقع.

ودليل آخر: إنه لو كان الاثنان لم يمتنع أن يكونوا ثلاثة، وكذلك إلى ما لا نهاية.

ودليل آخر: أن الجزء الذي لا يتجزأ من المخترعات لا تتعلق به إلا قدرة واحدة، لا يصح فيها اشتراك، والآخر كذلك دأبا، فكل جزء إنما يخترعه واحد، وهذه نبذة شرحها بحسب التقصي يطول. اهـ.

وقد سبق لنا بيان أدلة ذلك في الفتويين: 129287، 129204. وراجع لبيان دليل التمانع الفتوى: 278662.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني