الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مستحبات ينبغي للإمام مراعاتها

السؤال

الإخوة الكرام: أريد ملخصًا بسيطًا عن ما يستحب للإمام عند الإمامة بالناس, وبعد الفراغ من الصلاة.
شكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فقد ذكر أهل العلم جملة من المستحبات التي ينبغي للإمام مراعاتها نذكر منها ما يلي:

أولًا: يستحب له أن يحرص على تسوية الصفوف قبل الشروع في الصلاة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان يسوي الصفوف قبل الدخول في الصلاة, ويستحب له أن لا يستعجل بتكبيرة الإحرام بعد الإقامة, بل ينتظر قليلًا حتى تكتمل تسوية الصفوف, قال الحطاب المالكي - رحمه الله -: يُسْتَحَبّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِالْإِحْرَامِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ قَدْرَ مَا تُسَوَّى الصُّفُوفُ فَهَذَا الْفَصْلُ مُسْتَحَبٌّ ... اهــ. وقال النووي - رحمه الله -: ويستحب للإمام أن لا يكبر حتى يسووا الصفوف, ويأمرهم به ملتفتًا يمينًا وشمالًا, وإذا فرغ المؤذن من الاقامة قام الناس فاشتغلوا بتسوية الصفوف. اهــ.

ثانيًا: يستحب له أن يجهر بالتكبير - سواء تكبيرة الإحرام أو تكبيرات الانتقال - حتى يُسمع المأمومين خلفه, ولا يخافت به؛ لكي لا يلتبس الأمر عليهم هل كبر أم لا, قال ابن قدامة في المغني: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرِ، بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمَأْمُونَ لِيُكَبِّرُوا، فَإِنَّهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّكْبِيرُ إلَّا بَعْدَ تَكْبِيرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إسْمَاعُهُمْ، جَهَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ لِيَسْمَعَهُمْ، أَوْ لِيَسْمَعَ مَنْ لَا يَسْمَعُ الْإِمَامَ. اهــ.

ثالثًا: ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يستحب للإمام أن يسكت بعد قراءة الفاتحة سكتة يتمكن فيها المأموم من قراءة الفاتحة, جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يستحبّ للإمام أن يسكت بعد قراءة الفاتحة والتّأمين قدر قراءة المأموم الفاتحة, وذلك في الصّلاة الجهريّة؛ ليتمكّن المأموم من قراءة الفاتحة مع الإنصات لقراءة الإمام. اهــ. وانظر الفتوى رقم: 22283, كما يستحب له أن يسكت سكتة خفيفة بعد القراءة وقبل الركوع وانظر الفتوى رقم: 100463.

رابعًا: يستحب له أن يجهر بالتأمين بعد الانتهاء من الفاتحة في الصلاة الجهرية، وانظر الفتوى رقم: 12241.

خامسًا: ويستحب له أن يخفف الصلاة؛ بحيث لا يشق على المأمومين مع إتمام أفعالها, جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: ويستحب للإمام تخفيف الصلاة مع إتمامها؛ لقول عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام ... اهــ. وقال النووي في روضة الطالبين: يستحب للإمام أن يخفف الصلاة من غير ترك الأبعاض والهيئات, فإن رضي القوم بالتطويل وكانوا منحصرين لا يدخل فيهم غيرهم فلا بأس بالتطويل ... اهــ.

سادسًا: يستحب له أن يتأنى في قراءة الأذكار من غير تطويل شاق؛ حتى يتمكن المأمون خلفه من الإتيان بالأذكار المشروعة لهم, قال ابن قدامة في المغني: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُرَتِّلَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّسْبِيحَ وَالتَّشَهُّدَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ مَنْ خَلْفَهُ مِمَّنْ يَثْقُلُ لِسَانُهُ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالثَّقِيلَ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ, فَإِنْ خَالَفَ وَأَتَى بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ، كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ, وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّطْوِيلُ كَثِيرًا، فَيَشُقَّ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ. اهــ.

سابعًا: قال النووي في المجموع: ويستحب للإمام أن ينوى بالتسليمة الاولي السلام على من على يمينه من الملائكة ومسلمي الجن والانس, وبالثانية على من على يساره منهم, وينوى المأموم مثل ذلك. اهــ. وانظر الفتوى: 192159.

ثامنًا: قال في كشاف القناع: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُطِيلَ الْجُلُوسَ بَعْدَ السَّلَامِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ؛ لِقَوْلِ عَائِشَةَ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. رَوَاهُ مُسْلِم.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني