الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التكييف الشرعي لرؤية الميت بعد موته يقظة

السؤال

سؤالي هو: أن بعض الرافضة عندنا يروون لنا قصصا عجيبة، مثلا هذه القصة يرويها لي أحد الأشخاص: أن والده توفي قبل صلاة الجمعة، وعند ما دفنوه، وجاء في عزائه بعض أهل المسجد الذي يصلي فيه، قالوا لأهل الميت إن أباكم صلى معنا صلاة الجمعة، وسلم علينا أيضا، مع العلم أنه مات قبل الصلاة، وفي بيته، وكذلك يروون لنا قصص شفاء المرضى عند قبر الإمام الرضا، وكذلك صور شهدائهم في الحرب وهم يبتسمون.
فما قولكم في هذه الأقوال؟
جزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من مات موتاً حقيقاً لا يعود إلى الدنيا؛ لقوله تعالى: وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {المؤمنون:100}؛ وقوله تعالى: وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ {الأنبياء:95}. وعن جابر بن عبد الله بن حرام رضي الله عنهما قال: لقيني النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا جابر ما لي أراك منكسراً؟ فقلت: يا رسول الله استشهد أبي، وترك عيالاً، وديناً، فقال: ألا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قلت: بلى، يا رسول الله، قال: ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وإن الله أحيا أباك فكلمه كفاحا. فقال: يا عبدي تمن أعطك، قال: تحييني فأقتل قتلة ثانية، قال الله: إني قضيت أنهم لا يرجعون... رواه ابن حبان في صحيحه؛ وقال الشيخ شعيب الأرناوؤط: إسناده جيد.

واعلم أن رؤية القتيل في هيئة كما لو كان مبتسما، ليست معيارا لكونه كان على الحق، أو أنه ختم له بالشهادة ونحو ذلك، فهذه أمور لا يعول عليها في العقائد والأعمال .

وأما رؤية الميت بعد موته، فكثيرا ما ينتحل الناس قصصا مكذوبة في هذا الشأن، ولا يبعد أيضا أن يكون قد حصل في الواقع أن رأوا شيطانا في صورة ميتهم، فقد يظهر الشياطين بصور بعض الأشخاص بعد موتهم، ويراهم بعض من عرفوهم، وما ذلك إلا من تلبيس الشياطين الذي يضللون به، ويغوون من أمكنهم إغواؤه أو إضلاله.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ثم الرؤيا قد تكون من الله فتكون حقا، وقد تكون من الشيطان، كما قد يتمثل في المنام بصورة شخص، فقد يتمثل أيضاً في اليقظة بصورة شخص يراه كثير من الناس، يضل بذلك من لم يكن من أهل العلم والإيمان، كما يجري لكثير من مشركي الهند وغيرهم، إذا مات ميتهم يرونه قد جاء بعد ذلك وقضى ديونا، ورد ودائع، وأخبرهم بأمور عن موتاهم، وإنما هو شيطان تصور في صورته، وقد يأتيهم في صورة من يعظمونه من الصالحين ويقول: أنا فلان، وإنما هو شيطان.... وهذا يقع لكثير من الرهبان وغير الرهبان من المنتسبين إلى الإسلام، وقد يرى أحدهم في اليقظة من يقول له: أنا الخليل، أو أنا موسى، أو أنا المسيح، أو أنا محمد، أو أنا فلان. لبعض الصحابة أو الحواريين، ويراه طائرا في الهواء، وإنما يكون ذلك من الشياطين، ولا تكون تلك الصورة مثل صورة ذلك الشخص. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني حقا؛ فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي. فرؤيته في المنام حق، وأما في اليقظة فلا يرى بالعين هو ولا أحد من الموتى، مع أن كثيرا من الناس قد يرى في اليقظة من يظنه نبياً: إما عند قبره، وإما عند غير قبره، وقد يرى القبر انشق وخرج منه صورة إنسان، فيظن أن الميت نفسه خرج من قبره، أو أن روحه تجسدت وخرجت من القبر، وإنما ذلك جني تصور في صورته ليضل ذلك الرائي؛ فإن الروح ليست مما تكون تحت التراب وينشق عنها التراب، فإنها وإن كانت قد تتصل بالبدن فلا يحتاج ذلك إلى شق التراب، والبدن لم ينشق عنه التراب وإنما ذلك تخييل من الشيطان، وقد جرى مثل هذا لكثير من المنتسبين إلى المسلمين، وأهل الكتاب، والمشركين، ويظن كثير من الناس أن هذا من كرامات عباد الله الصالحين، ويكون من إضلال الشياطين، كما قد بُسط الكلام في هذا الباب في غير هذا الكتاب مثل: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان وغير ذلك. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني