الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجزئ الغسل والوضوء ببخار الماء

السؤال

هل يعد الوضوء ببخار الماء كافيا في رفع الحدث وكذلك الغسل فيه ؟ بحيث يدخل الجنب في حمام البخار ويكتفي بذلك عن الغسل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يرتفع الحدث الأصغر ولا الحدث الأكبر إلا بالغسل بالماء في الأصل, وأما بخار الماء، فإن العلماء اختلفوا أولا فيما رشح من البخار هل هو ماء طهور يرتفع به الحدث أم لا؟ على قولين, والجمهور على أنه طهور، وهو الذي صححه النووي في المجموع حيث قال: ولو أغلى ماء مطلقا فتولد منه الرشح. قال صاحب البحر: قال بعض أصحابنا بخراسان: لفظ الشافعي يقتضي أنه لا تجوز الطهارة به، لأنه عرق. قال الروياني: وهذا غير صحيح عندي، لأن رشح الماء ماء حقيقة، وينقص منه بقدره، فهو ماء مطلق، فيتطهر به. قلت: الأصح جواز الطهارة به. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ التَّطَهُّرِ مِنَ الْحَدَثِ، وَتَطْهِيرِ النَّجَسِ بِمَا جُمِعَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ الْمَغْلِيِّ بِوَقُودٍ طَاهِرٍ؛ لأِنَّهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، خِلاَفًا لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الرَّافِعِيُّ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لأِنَّهُ لاَ يُسَمَّى مَاءً ، بَل هُوَ بُخَارٌ . اهـ.

ولكن لا بد من أن يكون ما ترشح من البخار يكفي لغسل العضو المراد غسله في الوضوء، وكذا غسل كل البدن في الطهارة الكبرى, إذ المطلوب فيه الغسل وليس المسح, والغسل لا يحصل إذا لم يجر الماء على العضو؛ إذ الغسل سيلان الماء وجريانه على العضو, كما قال في بدائع الصنائع: فالغسل هو إسالة الماء على المحل، والمسح هو الإصابة، حتى لو غسل أعضاء وضوئه، ولم يسل الماء، بأن استعمله مثل الدهن، لم يجز في ظاهر الرواية. اهـ.
ومثله قول صاحب رد المحتار في تعريف الغسل: وَهُوَ إسَالَةُ الْمَاءِ مَعَ التَّقَاطُرِ ... اهـ .

وقَال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: هُوَ سَيَلاَنُ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِنِيَّةٍ ... اهـ.
وبعض الفقهاء لا يشترط التقاطر والسيلان عن العضو وإنما يشترط جريان وسيلان الماء على العضو لا عنه، كما جاء في منح الجليل من كتب المالكية: ...وَالشَّرْطُ جَرَيَانُ الْمَاءِ مِنْ أَوَّلِ الْعُضْوِ إلَى آخِرِهِ، لَا سَيَلَانُهُ عَنْهُ، وَلَا تَقَاطُرُهُ مِنْهُ. اهـ.

والحاصل أن الماء المترشح من البخار طهور، يرفع الحدث، ويزيل الخبث، إلا أنه لا تحصل الطهارة بمجرد التعرض للبخار وحصول شيء من النداوة أو الرطوبة على الجسم من غير حصول سيلان عليه, ومثله ما ذكره الفقهاء من أن الثلج والبرد لو ذابا وجريا على العضو أجزأ الغسل بهما؛ كما قاله صاحب أسنى المطالب: وَيُجْزِئُ غَسْلٌ بِهِمَا إنْ ذَابَا، وَجَرَيَا عَلَى الْعُضْوِ. اهـ.

والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني