الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المستحب لمن أحرم بالحج مفردا ولم يسق الهدي

السؤال

مِن المعروف أن المفرِدَ ليس عليه هَدْيٌ، ولكن هنا إشكال وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر صحابته ممن لم يَسُق الهديَ أن يتحلل ! وبالتالي هل يجب على المُفرِد أن يحل ويجعلَ حجَّه عمرة، لأنه لم يسق هديًا، أم يبقى على إحرامه إلى يوم النحر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أحرم بالحج مفردا، استحب له على الراجح فسخه إلى عمرة يحل منها ثم يحرم بعدها بالحج، وهذا هو مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- خلافا للجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الفسخ، وهو ما رجحه العلامة ابن القيم رحمه الله.

قال رحمه الله: اخْتِصَاصُ وُجُوبِهِ -يعني فسخ الحج إلى عمرة- بِالصَّحَابَةِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَرَاهُ شَيْخُنَا - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - يَقُولُ: إِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ فُرِضَ عَلَيْهِمُ الْفَسْخُ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ بِهِ وَحَتْمِهِ عَلَيْهِمْ، وَغَضَبِهِ عِنْدَمَا تَوَقَّفُوا فِي الْمُبَادَرَةِ إِلَى امْتِثَالِهِ. وَأَمَّا الْجَوَازُ وَالِاسْتِحْبَابُ فَلِلْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَعَلَ الْوُجُوبَ لِلْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُفْرِدٍ وَقَارِنٍ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ، أَنْ يَحِلَّ وَلَا بُدَّ، بَلْ قَدْ حَلَّ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ، وَأَنَا إِلَى قَوْلِهِ أَمْيَلُ مِنِّي إِلَى قَوْلِ شَيْخِنَا. انتهى.

ولعل القول بمشروعية الفسخ وأنه مستحب لا واجب أرجح إن شاء الله، وقد سقنا طرفا صالحا من كلام العلماء وبيان مذاهبهم في هذه المسألة وتقرير الراجح منها في فتاوى كثيرة راجع منها الفتاوى التالية أرقامها: 143251 129329، 123833.

وبه يتبين لك أن المفرد إن شاء أن يمضي في نسكه فلا حرج عليه، ولا يلزمه هدي، وإن فسخ إحرامه بالحج إلى عمرة فهو أفضل، ويلزمه والحال هذه هدي التمتع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني