الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزواج بالصغيرة والاستمتاع بها

السؤال

ما حكم الزواج بالصغيرة ؟ وهل العقد عليها صحيح ؟
وإذا كان العقد عليها صحيحاً فما حكم الاستمتاع بها ؟
وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبداية لابد من الاتفاق على أن الصغر في الشرع ينتهي بالبلوغ.

جاء في (الموسوعة الفقهية): واصطلاحا هو: وصف يلحق بالإنسان منذ مولده إلى بلوغه الحلم. اهـ.
فلا يصح شرعا أن تبلغ البنت البلوغ الشرعي بالحيض أو غيره، وتوصف مع ذلك بالصغر الذي تتعلق به أحكام شرعية. ومن ذلك مسألة النكاح، فلا خلاف بين أهل العلم في أن من بلغت فليست بصغيرة في هذا الحكم. والبلوغ قد يحصل في سن مبكرة كالعاشرة مثلا.

قال البخاري في صحيحه: باب بلوغ الصبيان وشهادتهم، وقول الله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} [النور: 59] وقال مغيرة: «احتلمت وأنا ابن ثنتي عشرة سنة». وبلوغ النساء في الحيض، لقوله عز وجل: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم} [الطلاق: 4] إلى قوله {أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4] وقال الحسن بن صالح: «أدركت جارة لنا جدة، بنت إحدى وعشرين سنة» اهـ.

ولا يخفى أن هذه الجدة قد تزوجت وسنها صغيرة، وحملت وهي بنت عشر سنين، والحمل علامة قطعية على البلوغ. ومثل هذا ينبغي أن لا يكون محل خلاف. وعليه لا يصح شرعا استنكار بعض الناس لزواج البنت في سن مبكرة، ما دامت قد بلغت البلوغ الشرعي وأطاقت الزواج وأعباءه !! وعلامات البلوغ مبينة في الفتوى رقم: 10024 .

وأما الصغيرة التي لم تبلغ، فالسؤال في حقها عن مسألتين:
ـ الأولى: العقد عليها.
ـ والثانية: الاستمتاع بها، بالوطء أو بما دون الوطء.
وجواب السؤال الأول، أن العقد على الصغيرة صحيح عند أكثر أهل العلم، حتى لقد حُكي الإجماع عليه، والحقيقة أنه قد خالف في صحته قلة من أهل العلم، وهم: ابن شبرمة، وعثمان البتي، وأبو بكر الأصم، فقالوا بأنه لا يزوج الصغير ولا الصغيرة حتى يبلغا؛ لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ {النساء:6}.

وذكر السرخسي في (المبسوط) تعليلهم في ذلك فقال: فلو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا فائدة، ولأن ثبوت الولاية على الصغيرة لحاجة المولى عليه، حتى إن في ما لا تتحقق فيه الحاجة لا تثبت الولاية كالتبرعات، ولا حاجة بهما إلى النكاح؛ لأن مقصود النكاح طبعا هو قضاء الشهوة، وشرعا النسل، والصغر ينافيهما، ثم هذا العقد يعقد للعمر وتلزمهما أحكامه بعد البلوغ، فلا يكون لأحد أن يلزمهما ذلك إذ لا ولاية لأحد عليهما بعد البلوغ. اهـ.
واختار هذا القول بعض المعاصرين، كالشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فقال في (الشرح الممتع): القول الراجح أن البكر المكلفة لا بد من رضاها، وأما غير المكلفة وهي التي تم لها تسع سنين، فهل يشترط رضاها أو لا؟ الصحيح أيضا أنه يشترط رضاها؛ لأن بنت تسع سنين بدأت تتحرك شهوتها وتحس بالنكاح، فلا بد من إذنها، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الحق. وأما من دون تسع سنين فهل يعتبر إذنها؟ يقولون: من دون تسع السنين ليس لها إذن معتبر؛ لأنها ما تعرف عن النكاح شيئاً، وقد تأذن وهي تدري، أو لا تأذن؛ لأنها لا تدري، فليس لها إذن معتبر، ولكن هل يجوز لأبيها أن يزوجها في هذه الحال؟ نقول: الأصل عدم الجواز؛ لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «لا تنكح البكر حتى تستأذن» ، وهذه بكر فلا نزوجها حتى تبلغ السن الذي تكون فيه أهلاً للاستئذان، ثم تستأذن. لكن ذكر بعض العلماء الإجماع على أن له أن يزوجها، مستدلين بحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ، وقد ذكرنا الفرق، وقال ابن شبرمة من الفقهاء المعروفين: لا يجوز أن يزوج الصغيرة التي لم تبلغ أبداً؛ لأننا إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر، ولا نقول بالإجبار في البالغة فهذه من باب أولى، وهذا القول هو الصواب، أن الأب لا يزوج بنته حتى تبلغ، وإذا بلغت فلا يزوجها حتى ترضى. لكن لو فرضنا أن الرجل وجد أن هذا الخاطب كفء، وهو كبير السن، ويخشى إن انتقل إلى الآخرة صارت البنت في ولاية إخوتها أن يتلاعبوا بها، وأن يزوِّجوها حسب أهوائهم، لا حسب مصلحتها، فإن رأى المصلحة في أن يزوجها من هو كفء فلا بأس بذلك، ولكن لها الخيار إذا كبرت؛ إن شاءت قالت: لا أرضى بهذا ولا أريده. وإذا كان الأمر كذلك فالسلامة ألا يزوجها، وأن يدعها إلى الله ـ عزّ وجل ـ فربما أنه الآن يرى هذا الرجل كفئاً ثم تتغير حال الرجل، وربما يأتي الله لها عند بلوغها النكاح برجل خير من هذا الرجل؛ لأن الأمور بيد الله ـ سبحانه وتعالى. اهـ.

وقد فصل الشيخ في ذلك وناقش أدلة الجمهور في (شرح صحيح البخاري) باب: (إنكاح الرجل ولده الصغار).
وأما اختيار شيخ الإسلام الذي ذكره الشيخ فهو في خصوص من لها تسع سنين ولم تبلغ.

قال المرداوي في (الإنصاف): البكر التي لها تسع سنين فأزيد، إلى ما قبل البلوغ: له تزويجها بغير إذنها، على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب ... وعنه: لا يجوز تزويج ابنة تسع سنين إلا بإذنها. قال الشريف أبو جعفر: هو المنصوص عن الإمام أحمد. قال الزركشي: وهي أظهر ... واختار أبو بكر، والشيخ تقي الدين رحمهما الله: عدم إجبار بنت تسع سنين بكرا كانت أو ثيبا. قال في رواية عبد الله: إذا بلغت الجارية تسع سنين فلا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بإذنها. قال بعض المتأخرين من الأصحاب: وهو الأقوى. اهـ.

والمقصود أن ننبه على أن المسألة فيها شيء من الخلاف، وليست من المسائل القطعية. مع كون الراجح عندنا هو قول الجمهور القائلين بصحة العقد، وراجع الفتوى: 117878.

وجمهور العلماء الذين يصححون العقد على الصغيرة، يستحبون أن ينتظر والدها بلوغها ليستأذنها.

قال النووي: اعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا: يستحب أن لا يزوج الأب والجد البكر حتى تبلغ، ويستأذنها لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة. وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة؛ لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة يخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة، فيستحب تحصيل ذلك الزوج؛ لأن الأب مأمور بمصلحة ولده فلا يفوتها. اهـ.
وهذا ما رجحه الدكتور عبد الكريم زيدان في موسوعته (المفصل في فقه الأسرة) فقال: نرجح على وجه الاستحباب أن لا يزوج الأب ابنته حتى تبلغ، إلا إذا وجد المبرر المقبول لتزويجها وهي صغيرة . اهـ. وذكر لذلك عدة أسباب فراجعها هناك.

وهذا ما اختارته أيضا الباحثة سها القيسي في رسالتها للماجستير: (زواج الصغار في ضوء تحديد سن الزواج ) حيث رجحت صحة العقد ثم قالت: الأولى عدم تزويجها إلا إذا ظهرت مصلحة راجحة. اهـ. وذكرت لذلك أربعة أسباب.
وهنا ننبه على أن إنكاح الصغيرة إنما هو مراعاة لمصلحتها، لا لمجرد رغبة والدها، حتى لقد نص بعض أهل العلم على بطلان الزواج إذا لم تراع فيه مصلحة الصغيرة، وأن على القاضي حينئذ فسخه.

قال الشوكاني في: (وبل الغمام على شفاء الأوام في أحاديث الأحكام): أما مع عدم المصلحة المعتبرة، فليس للنكاح انعقاد من الأصل، فيجوز للحاكم بل يجب عليه التفرقة بين الصغيرة ومن تزوجها، ولها الفرار متى شاءت، سواء بلغت التكليف أم لم تبلغ، ما لم يقع منها الرضا بعد تكليفها. اهـ.
وقال الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين في بحثه (ولاية تزويج الصغيرة) المنشور في (مجلة البحوث الإسلامية): ومن أجل ضمان تزويج الأب ابنته الصغيرة ممن في زواجها منه مصلحة لها، فقد ذكر بعض العلماء لصحة تزويجه إياها شروطا أهمها: 1ـ ألا يكون بينها وبين والدها عداوة ظاهرة. 2ـ ألا يكون بينها وبين الزوج عداوة. 3ـ ألا يزوجها بمن في زواجها منه ضرر بيِّن عليها كهرم، ومجبوب ونحو ذلك. 4ـ أن يزوجها بكفء غير معسر بصداقها. اهـ.
ومما يحسن ذكره في الدلالة على مراعاة الوالد لمصلحة ابنته عند قبول خطبتها بمن يكبرها في السن، حديث بريدة قال: خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها صغيرة. فخطبها علي، فزوجها منه. رواه النسائي، وصححه الألباني.
قال القاري في (المرقاة): يحتمل أنها كانت صغيرة عند خطبتها، ثم بعد مدة حين كبرت ودخلت في خمسة عشر خطبها علي، أو المراد أنها صغيرة بالنسبة إليهما لكبر سنهما، وزوجها من علي لمناسبة سنه لها، أو لوحي نزل بتزويجها له. اهـ.
وقال السندي في حاشيته على النسائي: (فخطبها علي) أي عقب ذلك بلا مهلة كما تدل عليه الفاء، فعلم أنه لاحظ الصغر بالنظر إليهما، وما بقي ذاك بالنظر إلى علي فزوجها منه، ففيه أن الموافقة في السن أو المقاربة مرعية لكونها أقرب إلى المؤالفة، نعم قد يترك ذاك لما هو أعلى منه كما في تزويج عائشة. اهـ.
وسن فاطمة رضي الله عنها حين تزوجت، كما قال ابن عبد البر في (الاستيعاب): كَانَ سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا، وكانت سن عليّ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر. اهـ.
وبذلك قال أكثر المؤرخين كالمزي وابن كثير وابن الأثير واليافعي وابن العماد والعصامي.
وقال الذهبي في (تاريخ الإسلام): دخل بها علي رضي الله عنه بعد وقعة بدر، وقد استكملت خمس عشرة سنة أو أكثر. اهـ.
وقال المناوي في (إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل): لما شبت فاطمة وترعرعت، وبلغت من العمر خمس عشرة سنة. وقيل: ست عشرة سنة. وقيل: ثماني عشرة سنة. وقيل: أحدى وعشرين. تزوجها علي. اهـ.

وأما المسألة الثانية: وهي مسألة وطء الصغيرة أو الدخول بها، فقد نص أكثر أهل العلم على أن الصِّغَر الذي لا تطيق معه الوطء، مانع من موانع تسليمها لزوجها، ووافقهم الحنابلة في من لم تبلغ تسع سنين.

قال النووي: أما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها، فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عمل به. وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد: تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: حد ذلك أن تطيق الجماع. ويختلف ذلك باختلافهن ولا يضبط بسن. وهذا هو الصحيح. اهـ.

وجاء في (الموسوعة الفقهية): ذهب الفقهاء إلى أن من موانع التسليم الصغر، فلا تسلم صغيرة لا تحتمل الوطء إلى زوجها حتى تكبر ويزول هذا المانع؛ لأنه قد يحمله فرط الشهوة على الجماع فتتضرر به. وذهب المالكية والشافعية إلى زوال مانع الصغر بتحملها للوطء. قال الشافعية: ولو قال الزوج: سلموها لي ولا أطؤها حتى تحتمله، فإنه لا تسلم له وإن كان ثقة؛ إذ لا يؤمن من هيجان الشهوة. اهـ.

وأما عند الحنفية فقال ابن نجيم في (البحر الرائق): اختلفوا في وقت الدخول بالصغيرة، فقيل: لا يدخل بها ما لم تبلغ. وقيل: يدخل بها إذا بلغت تسع سنين. وقيل: إن كانت سمينة جسيمة تطيق الجماع يدخل بها، وإلا فلا. اهـ.

وجاء في الفتاوى الهندية: أكثر المشايخ على أنه لا عبرة للسن في هذا الباب وإنما العبرة للطاقة، إن كانت ضخمة سمينة تطيق الرجال ولا يخاف عليها المرض من ذلك; كان للزوج أن يدخل بها وإن لم تبلغ تسع سنين, وإن كانت نحيفة مهزولة لا تطيق الجماع، ويخاف عليها المرض لا يحل للزوج أن يدخل بها وإن كبر سنها، وهو الصحيح. اهـ.

ودخول النبي صلى الله عليه وسلم بأمنا عائشة كان بعد بلوغها هذا المبلغ، ولذلك تأخر بعد العقد عليها بنحو ثلاث سنوات، كما في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم "تزوجها وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين.

قال الداودي: كانت عائشة قد شبت شبابا حسنا. اهـ.

ومما يؤكد مراعاة هذا المعنى قبل زفاف عائشة، أنها قالت: أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أُقبل عليها بشيء مما تريد حتى أطعمتني القثاء بالرطب، فسمنت عليه كأحسن السمن. رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني.

وهنا نؤكد على أن الصغر الذي هو مانع من التسليم ليس هو الصغر المقابل للبلوغ، وإنما هو بمعنى عدم القدرة على الوطء.

قال النووي في (روضة الطالبين): المراد بالصغيرة والصغير من لا يتأتى جماعه، وبالكبير من يتأتى منه الجماع، ويدخل فيه المراهق. اهـ.

وبهذا يتبين أن الدخول بالصغيرة منوط بقدرتها على الوطء، لا بمجرد العقد، والقاعدة الكلية في ذلك هي قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.

وهذه إحدى القواعد الكلية الخمسة التي ينبني عليها الفقه الإسلامي، فمتى ثبت الضرر ثبوتا شرعيا، فقد جاء الشرع الحنيف بإزالته ومنعه. ولذلك ينبغي ضبط أنواع الاستمتاع بما دون الوطء بعدم المضرة أيضا، وذلك بكون البنت مطيقة وأهلاً له، فقد يبلغ بها الصغر أن يمنع الاستماع بها بالكلية، ويعد اشتهاؤها من الأمور الشاذة الخارجة عن المعتاد، كالطفلة غير المميزة، ولذلك لا يحرم النظر إلى عورتها، وراجع في ذلك الفتويين: 112826، 112255.

وهذه المسألة من المسائل التي تحتاج إلى تحرير، نعني مسألة: الاستمتاع بما دون الوطء قبل إمكان الوطء؟
والذي نميل إليه أن تجعل إطاقة الوطء في الجملة أو مراهقة هذا الحد هو الوصف المبيح لسائر أنواع الاستمتاع، درء للضرر المحتمل على الطفلة الصغيرة التي لا تدرك مثل هذه الأمور، ومما يستأنس به لذلك ما قاله ابن عابدين في تعليل وجوب نفقة الزوجة الصغيرة التي تشتهى للوطء فيما دون الفرج، حيث قال: لأن الظاهر أن من كانت كذلك، فهي مطيقة للجماع في الجملة. اهـ. حيث قرن بين اشتهاء ما دون الوطء، وبين إطاقة الوطء في الجملة.

وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن رجل طلق زوجته طلاقا بائنا، وله منها بنت سنها خمس سنين، وزوجها والدها بشخص، وأراد ذلك الشخص أن ينزعها من والدتها وينفق عليها ويربيها عنده في بيته مثلا أو عند من يختار، فهل له ذلك وتسقط حضانة الأم بذلك أم لا ؟
فأجاب: لا تسقط حضانة الأم بذلك؛ لأن الزوج إنما يكون أولى بالحضانة من جميع الأقارب حيث كان له بالزوجة استمتاع بأن تطيق الوطء، وإلا لم تسلم له. اهـ.
فجعل إطاقة الوطء هو سبيل الاستمتاع وموجب التسليم.

وهاهنا أمر آخر ينبغي مراعاته لا سيما في أمر الزواج، وهو العرف، فإن اطَّرد باستهجان الاستمتاع بالزوجة الصغيرة التي لا تدرك ولا تميز، فينبغي مراعاة ذلك، فلا تسلم الزوجة قبل إدراكها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى): وإذا كان موجب العقد من التقابض مرده إلى العرف، فليس العرف أن المرأة تسلم إليه صغيرة، ولا يستحق ذلك لعدم التمكن من الانتفاع. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني