الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عندي محفظة أسهم، وأريد وقفها. فما الحكم في ذلك ؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالوقف قربة نافعة، وصدقة جارية، يستمر أجرها بعد وفاة المتصدق. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وروى ابن ماجه أن النبي صَلى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قال: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بَعْد موته، علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه. ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله فِي صحته وحياته. يلحقه بَعْد موته.
وروى الشيخان من حديث عبد الله بن عمر قال: أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضا بخيبر، لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها، قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع، ولا يورث، ولا يوهب.

ووقف الأسهم لا حرج فيه إذا كانت أسهما يباح تملكها.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته التاسعة عشرة في 26 /4/ 2009م. بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع، بخصوص وقف الأسهم والصكوك والحقوق المعنوية والمنافع، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله.

قرر ما يأتي:...

(2) يجوز وقف أسهم الشركات المباح تملكها شرعا، والصكوك، والحقوق المعنوية، والمنافع، والوحدات الاستثمارية؛ لأنها أموال معتبرة شرعا.

(3) تترتب على وقف الأسهم والصكوك والحقوق والمنافع، وغيرها أحكام من أهمها:

(‌أ) الأصل في الأسهم الوقفية بقاؤها واستعمال عوائدها في أغراض الوقف، وليس المتاجرة بها في السوق المالية, فليس للناظر التصرف فيها إلا لمصلحة راجحة، أو بشرط الواقف، فهي تخضع للأحكام الشرعية المعروفة للاستبدال.

(‌ب) لو صفيت الشركة أو سددت قيمة الصكوك، يجوز استبدالها بأصول أخرى كعقارات أو أسهم وصكوك أخرى بشرط الواقف، أو بالمصلحة الراجحة للوقف.

(‌ج) إذا كان الوقف موقتا بإرادة الواقف يُصفى حسب شرطه.

(‌د) إذا استُثمر المال النقدي الموقوف في شراء أسهمٍ أو صكوك أو غيرها، فإن تلك الأسهم والصكوك لا تكون وقفًا بعينها مكان النقد، ما لم ينص الواقف على ذلك، ويجوز بيعها للاستثمار الأكثر فائدة لمصلحة الوقف، ويكون أصل المبلغ النقدي هو الموقوف المحبَّس.

(‌هـ) يجوز وقف المنافع والخدمات والنقود نحو خدمات المستشفيات، والجامعات، والمعاهد العلمية، وخدمات الهاتف، والكهرباء، ومنافع الدور، والجسور والطرق.

(‌و) لا يؤثر وقف المنفعة لمدة محددة على تصرف مالك العين بملكه، إذ له كل التصرفات المباحة شريطة المحافظة على حق الوقف في المنفعة.

(‌ز) ينقضي وقف الحقوق المعنوية بانتهاء الأجل القانوني المقرر لها.

(‌ح) يقصد بالتوقيت أن تكون للوقف مدة ينتهي بانقضائها، ويجوز التوقيت بإرادة الواقف في كل أنواع الموقوفات.

(‌ط) يمكن لمن حاز أموالا مشبوهة أو محرَّمة لا يعرف أصحابها، أن يبرئ ذمَّته ويتخلَّص من خبثها بوقفها على أوجه البرِّ العامة في غير ما يقصد به التعبُّد، من نحو بناء المساجد أو طباعة المصاحف، مع مراعاة حرمة تملك أسهم البنوك التقليدية (الربوية) وشركات التأمين التقليدية.

(‌ي) يجوز لمن حاز أموالا لها عائد محرم أن يقف رأسماله منها، والعائد يكون أرصادًا له حكم الأوقاف الخيرية؛ لأنَّ مصرف هذه العوائد والأموال إلى الفقراء والمساكين ووجوه البرِّ العامة عند عدم التمكن من ردّها لأصحابها، وعلى متولي الوقف أن يعمل بأسرع وقت على أن يستبدل بهذه الأموال ما هو حلال شرعًا، ولو خالف بذلك شرط الواقف، إذ لا عبرة بشرط الواقف إذا تعارض مع نص الشارع...اهـ.

وبناء عليه، فلا حرج عليك في وقف محفظة الأسهم إن كانت أسهمها مما يباح تملكه وفق الضوابط المبينة آنفا في قرار مجمع الفقه الإسلامي .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني