الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضرورة المبيحة للاقتراض بالربا

السؤال

لدي تعقيب على الجواب لسؤال رقم: 2384876، أولاً: أشكركم على الرد السريع وأسأل الله لي ولكم كل خير في الدنيا والآخرة
ثانيا: كما ذكرت في سؤالي أنني لا أريد أن أفعل حراما ولا أبحث عن رخصة, إنما أريد أن أفعل ما يرضي الله، وقد بحثت عن بدائل لشراء سيارة جديدة لما في العقد من الشرط الفاسد ـ أي غرامة عند التأخير في السداد ـ ولكن إذا أجرت سيارة بصفة مستمرة للذهاب للعمل فسوف تكلفني قرابة 82% إن لم يكن أكثر ـ من راتبي الشهري فكأنني أعمل لمجرد تأجير السيارة، وحتى شراء السيارة المستعملة الجيدة ليس أمرا سهلا لأن المال الذي عندي ليس كافيا لهذا وأبي لا يدعمني إلا إذا اشتريت سيارة جديدة، وكذلك ليست لي خبرة في شراء السيارات المستعملة فأخشى أن أشتري سيارة فيها عيوب ثم أخسر مالي وأرجع إلى نقطة الصفر ولا يكون عندي مال وأفقد الوظيفة التي لم أنلها إلا بعد قرابة 2.5 سنة من الدعاء والبحث والصبر، وأخيرا, استخدام المواصلات العامة في مدينتي ليست مضمونة فأحيانا لا تأتي وكذلك فيها اختلاط وموسيقى وتلفزيون وغير ذلك من المخالفات الشرعية ويقينا سأجد صعوبة في الذهاب لصلاة الجمعة، وبالنسبة لسيارة الأجرة فهي أيضا لا تخلو من المخالفات الشرعية كالموسيقى والاختلاط وسوف تأخذ جزءا كبيرا من راتبي الشهري ـ أقل قليلا من تأجير سيارة ـ وقد رأيت في فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ على هذا الرابط http://islamqa.com/ar/ref/3402: سؤال: هل الشرط الربوي الفاسد يُبطل العقد أم لا؟ الجواب: وإن كان في العقد شرط باطل فإنه لا يُبطل العقد لأمور:
1ـ الضرورة.
2ـ ولأنه لا يتحقق لأن الرجل غالب على ظنه أنه سيوفي، فمن أجل أنه غالب على ظنه أنه سيوفي والشرط غير متحقق ومن أجل الضرورة، وهذه هي النقطة الأخيرة والمهمة فأرجو أن لا يكون في هذا بأس، لأن عندنا أمرا متحققا وهو الضرورة وعندنا أمر مشكوك فيه وهو التأخر، فمراعاة المتيقن أولى. انتهى ـ فهل هذه النبذة تنطبق على حالي أم لا؟ وهل حالتي هذه تعتبر ضرورة؟
أُكرر بأنني لست بحاثا عن رخصة ولكن الأمر كما ذكرت في سؤالي سابقا وأرجو أن تراجعوا سؤالي رقم: 2384876، مع هذا التعقيب كما أرجو منكم الرد السريع والرأي السديد في مشكلتي هذه، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس مناط البحث كون الضرورة لا تبيح الربا، فذلك ثابت بكتاب الله تعالى فلا يخالف فيه مخالف، فقد قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}.

لكن مناط البحث هو تنزيل الضرورة على حالتك، وقد ضبط العلماء الضرورة المبيحة بقولهم: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى من نظرية الضرورة الشرعية.

وقال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار ويستقرض لها المرابون آلافاً من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون.

وعلى هذا، فإذا كان صرف هذه النسبة من مرتبك جميعها في المواصلات يبلغ بك حد الضرورة الآنفة الذكر، ولا تندفع هذه الضرورة إلا بشراء سيارة عن طريق العقد المشتمل على الشرط الربوي فيباح لك ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني