الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتباع القرطبي منهج المؤولة في الصفات

السؤال

قرأت في كتاب: الدار الآخرة وأحوال ‏الموتى، للقرطبي، في بعض ‏الصفحات إنكار القرطبي أن يكون لله ‏سبحانه وتعالى يد، أو أصابع، أو ساق. ‏بخصوص الآية: (والأرض جميعا ‏قبضته يوم القيامة والسموات ‏مطويات بيمنه) و( يوم يكشف عن ‏ساق ويدعون إلى السجود فلا ‏يستطيعون ) وقال إن هذا ‏تمثيل وتجسيد لله سبحانه وتعالى عما ‏يصفون.‏
‏ فهل هذا الكلام صحيح أن القرطبي ‏ينكر أن له سبحانه وتعالى يدا أو ‏أصابع أو ساقا حسب ما قرأت ‏وفهمت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد نحا القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ منحى التأويل في هاتين الآيتين وغيرهما.

فقال في (التذكرة): قوله في الحديث "بيده" عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته، يقال: ما فلان إلا في قبضتي. بمعنى: ما فلان إلا في قدرتي. والناس يقولون: الأشياء في قبضة الله يريدون في ملكه وقدرته. وقد يكون معنى القبض والطي: إفناء الشيء وإذهابه، فقوله عز وجل: {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة} يحتمل أن يكون المراد به الأرض جميعاً ذاهبة فانية يوم القيامة. وقوله: {والسماوات مطويات بيمينه} ليس يريد به طياً بعلاج وانتصاب، وإنما المراد بذلك الفناء والذهاب. يقال: قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره، وانطوى عنا دهر، بمعنى المضي والذهاب. فإن قيل: فقد قال في الحديث: «ويقبض أصابعه ويبسطها» وهذه حقيقة الجارحة؟ قلنا: هذا مذهب المجسمة من اليهود، والحشوية. اهـ.
وقال في موضع آخر: قوله: {يكشف عن ساق} كشف الساق عبارة عن معظم الأمر وشدته .... فأما ما روي أن الله تعالى يكشف عن ساقه يوم القيامة، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة كما في صحيح البخاري، فإنه تعالى على التبعيض والأعضاء، وأن ينكشف ويتغطى، ومعناه أي يكشف على العظيم من أمره. اهـ.
وما ذهب إليه ـ رحمه الله ـ مخالف لمذهب السلف والأئمة الأوائل، وراجع في الآية الأولى الفتويين: 122213، 154591. وفي الثانية الفتويين: 6820، 101038.
وقد سبق لنا التنبيه على اتباع القرطبي منهج المؤولة في الصفات، وأن مذهبه في ذلك مذهب الأشاعرة، فينبغي مقارنة ما يذكره في آيات الصفات بما يذكره المفسرون الذين تحروا التمسك بمنهج السلف كابن كثير رحمه الله؛ وراجع في ذلك الفتويين: 58062، 96732.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني