الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغلو في الدعاة والعلماء أو التنقص من قدرهم كلاهما غير صحيح

السؤال

قرأت كلامكم عن بعض المشايخ - كالشيخ محمد حسان, وغيره – وقلتم: إنهم من أشهر الدعاة, ومن أهل الصلاح, ولا نعلم عنهم إلا خيرًا, ولكن هذا الكلام كان منذ سنوات عديدة, وأريد أن أعرف رأيكم في بعض المشايخ الآن بعد أن حصل ما حصل من الفتن والثورات العربية, فما رأيكم فيمن أيَّد هذه الثورات - كالشيخ محمد حسان, وغيره من مشايخ مصر والعالم الإسلامي -؟ وهل ما قاموا به يعد خروجًا على الحاكم؟ وهل مسألة الخروج على الحاكم من المسائل الفرعية, أم أنها من أصول الدين؟ وهل هي مجمع على تحريمها أم أنها من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف؟ وما رأيكم فيمن يقول: إن الشيخ ربيع هو حامل لواء الجرح والتعديل؟ وهل هو وأصحابه - من المداخلة وغيرهم - محقون في كل ما تكلموا به عن كثير من المشايخ؟ فهم كما تعلمون يبدعون كثيرًا من المشايخ ويفسقونهم, ويخرجونهم من دائرة أهل السنة والجماعة, فأرجو أن تجيبوني إجابة مفصلة, كما أطلب منكم أن تقدموا نصيحة للمسلمين عامة - ولطلبة العلم خاصة في هذا الباب - لأن الفتنة قد عمت في كثير من البلاد حتى أصبح بعض من ينتسب إلى العلم وأهله يقول: الإمام مالك يخطئ, والإمام فلان يخطئ، أما الشيخ ربيع فلا يخطئ.
نسأل الله السلامة والعافية, وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالموقع غير معني بتقييم الأشخاص والحكم عليهم, ومن ذكرت من المشايخ فرأينا فيهم هو رأينا لم يتغير، فإن من عرف بالخير ونشر السنة وغلب عليه ذلك والاشتغال به فالواجب محبته, وإحسان الظن به، وإن بدرت من أحد هؤلاء زلة أو هفوة فإنه يتغاضى عنها, وتغمر في فضائله ومحاسنه ما دامت المحاسن أكثر, كما قال صلى الله عليه وسلم: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث. رواه أحمد وغيره.

ونحن دائمًا ما نحذر من الوقيعة في عموم الناس, ومن الوقيعة في خاصتهم - وهم أهل العلم والفضل والدين - فإن المبالغة في الجرح والتبديع والتضليل وإخراج الناس من دائرة أهل السنة لأدنى خلاف في بعض وجهات النظر, أو حتى لأغلاط محققة تصدر من البعض ليس من منهج أهل العلم, ولا هذه طريقتهم، وفي هذا من التنفير والصد عن العلم وأهله وإشمات أعداء الدين بأهله ما لا يحصى، ونحيلك هنا طلبًا للاختصار على رسالة تصنيف الناس بين الظن واليقين للعلامة بكر أبو زيد - رحمه الله - وانظر كذلك للأهمية كتاب الإعلام بحرمة أهل العلم للشيخ محمد إسماعيل المقدم.

فإذا علمت هذا, وتبين لك موقفنا من الغلو في الجرح والتبديع: فإننا نؤكد على أن أحدًا من الناس لم تضمن له العصمة، فليس أحد من العلماء إلا وهو عرضة للخطأ، ومن ادعى أن شخصًا بعينه لا يخطئ فهو بذلك على خطر عظيم - نسأل الله السلامة - والواجب التوسط والاقتصاد, فلا يهجر العالم لأجل خطأ وقع منه, وفي الوقت نفسه لا يتعصب له فيتابع على ما وقع فيه من الخطأ.

وأما الخروج على الحكام فقد بينا القول فيه في الفتوى رقم: 159845.

وليس خروج الناس غير حاملين سلاحًا يأمرون حكامهم بالعدل ورفع المظالم والعناية بشؤون الرعية من هذا الخروج الذي يتكلم عنه العلماء, فإن مرادهم به الخروج على الحاكم بالسلاح، وراجع لبيان حكم ما يعرف بالمظاهرات السلمية الفتوى رقم: 151137.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني