الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قام بمقدمات اللواط بدون تغييب الحشفة

السؤال

هل من وقع في فعل الفاحشة مثل اللواط دون إدخال العضو في فتحة الشرج يعتبر لواطا؟ وهل التوبة من اللواط تكفر الذنب واشتهاء الذكور دون ممارسة اللواط حرام أم لا؟ فعندما يتم الاعتداء على طفل صغير جنسيا فإنه قد يفعل اللواط مستقبلا بسبب تعرضه للاعتداء فهل هو آثم عند ممارسة اللواط في الكبر أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، لكن الإنسان إذا تاب توبة نصوحاً من أي ذنب مهما عظم، فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أن يقبل توبته، قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان: 68ـ71}.

وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.

لكن شرط قبول التوبة، الإقلاع عن الذنب، والندم، والعزم على عدم العود إلى الذنب، ويتأتى ذلك بالاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه والتعرف على أسمائه وصفاته، والتفكر في نعمه، وتذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، وتجنب صحبة العصاة والغافلين، والحرص على صحبة الصالحين، وكثرة الذكر والدعاء، وشغل الفراغ بالأعمال النافعة، واللواط الذي يترتب عليه إقامة الحد الشرعي هو تغييب الحشفة ـ رأس الذكر ـ في الدبر، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 22549.

وعلى هذا؛ فمقدمات اللواط دون تغييب الحشفة في الدبر لا توجب الحد الشرعي؛ وإن كانت أمرا محرما ومنكرا شنيعا يتنافى مع الفطرة السليمة ودليلا على الانحراف والشذوذ ـ والعياذ بالله تعالى ـ كما أن ميل الرجل للرجل إذا كان بدون قصد فعل معصية فلا إثم فيه، لكن على هذا الرجل مجاهدة نفسه على عدم الاسترسال في مثل هذه الخواطر الخبيثة لئلا يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28477.

والصبي إذا تعرض للاعتداء الجنسي في صغره فلا إثم عليه، لارتفاع التكاليف الشرعية عنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم. رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن.

لكن هذا الصبي إذا ارتكب فاحشة اللواط بعد بلوغه مختارا فعليه إثم هذه الكبيرة، وما تعرض له من اعتداء قبل البلوغ لا يسقط عنه إثم هذه المعصية الشنيعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني