الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخواطر التي تهجم على القلب هل يؤاخذ بها صاحبها

السؤال

صديقي في حال يرثي لها بسبب تفكيره بأن غضبه قد يصل لدرجة تصوره نكاح شخص صوره عقله بأنه الله؟ إنني أراه يبكي ويبكي ولا يصدق تفكيره، فمن صغره وهو يصلي ويصوم... ومع ذلك أتى بهذه الصور بسبب أنه يريد أن يزني وتعاليم دينه الذي يحبه تمنعه؟
وعندما سألته: هل تريد فعلا نكاح ـ أعوذ بالله ـ الله، لأنه منعك من الزنا؟ فاصفر وجهه وقال لي لا أعلم!!! وقال لي إنه خائف إذا قال نعم أن يخسر دينه، وإن قال لا، فما هو إلا تمويه، لأنه لا يرتاح مائة بالمائة ولا يعلم لماذا هذا!!! فهل لا يزال من أهل الجنة إذا استطاع ـ بفعل ما ـ أن يتغلب على أفكاره المسيئة؟ وهل لا يزال مسلما أصلا؟ أم هو مرتد ويجب أن يقتل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالوسوسة وحديث النفس شيء يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، ومن فضل الله تعالى ورحمته أن تجاوز عن ذلك ما لم يعمل به أو يتكلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.

قال النووي في الأذكار: الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيار له في وقوعه ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل ـ قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر، قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطران من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه. اهـ.

وحال الشخص المذكور في السؤال لا تعدو ذلك، فلا يزال ـ بحمد الله ـ مسلما، وكرهه وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس الشيطانية، علامة على إيمانه، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.

وراجع في ذلك الفتويين رقم: 7950، ورقم: 12300.

وعليه أن يجتهد في دفع هذه الوساوس عن نفسه، بأن يشغلها بما ينفعها، وقد سبق لنا بيان سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 60628، 78372.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني