الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز للزوجة طاعة زوجها في الإجهاض

السؤال

متزوجة منذ عشر سنوات, وعندي أربعة أطفال - ولله الحمد - والبكر ذكر, وزوجي يرغب بأخ لابني, واتفقنا على الحمل, وأن نحمد الله على ما سيعطينا - ذكرًا أو أنثى - وندعو الله أن يكون ذكرًا, علمًا أنني كنت أؤجل فكرة الحمل لمعرفتي برغبة زوجي بالذكور, وحصل الحمل, وأنا الآن في الشهر السادس, وعرفت أني حامل بأنثى, وعندما أخبرت زوجي انزعج كثيرًا, وطلب مني الإجهاض, ولا أعرف ماذا أفعل؟ فأنا لا أستطيع فعل ذلك, وحاولت معه أن يرجع عن رأيه دون فائدة, وإن طلبت الطلاق فأخاف أن يطلقني وأنا حامل ولا يعترف بالطفلة, وإذا أبقيتها أخاف على نفسي وأولادي منه؛ لأنه سريع الغضب, وعصبي جدًّا, - هداه الله – ولا أعلم أين أذهب, فنحن مغتربون في دولة عربية, ولا أستطيع السفر إلى أهلي بسبب الحرب في بلدي سورية, وقد تفاجأت كثيرًا من موقفه, وتغيرت نظرتي له, وليس هناك من أحد يستطيع أن يتدخل بيننا, ويقنعه بالعدول عن رأيه؛ وحتى إن وجد فزوجي لا يستمع لأحد, وأتمنى لو كان كبعض الرجال الذين يفرحون بالذرية مهما كان جنسها, ويستبشرون بالأنثى خيرًا, علمًا أنني خلال زواجنا في السنوات العشر وقفت إلى جانبه في ظروف صعبة جدًّا, وساعدته كثيرًا للخروج منها, وذلك بسبب الخلافات المتكررة بينه وبين أهله التي لم يكن لي بها أي علاقة من قريب أو بعيد؛ مما جعل أهله يكرهونني, ويتكلمون عني, ويقذفونني, والله يشهد أني زوجة طاهرة شريفة عفيفة ملتزمة محافظة على بيتي وزوجي وأطفالي, وأكتب لكم والدموع في عيني, فساعدوني فأنا خائفة ومحتارة ماذا أفعل - والحمد لله رب العالمين على كل شيء -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يزيل همك, ويفرج كربك, ويرزق زوجك الصلاح وحسن الخلق, ونوصيك بكثرة الدعاء والالتجاء إلى رب السماء، فهو القائل سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}. وقد سبق أن بينا أن بغض البنات من أخلاق الجاهلية, وذلك في الفتوى: 52159 .

فحري بزوجك أن يجتنب مثل هذه الأخلاق, ويرضى بما قسم الله له، خاصة أنه سبق أن رزق ولدًا ذكرًا، ومن الناس من لا ينجب له إلا الإناث, بل ومن الناس من لا ينجب أصلًا ويتمنى الإنجاب، وينفق من أجله الأموال، ومع ذلك لم يجد إليه سبيلاً كما قال الله تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {الشورى:50،49}، ثم إن الله سبحانه قد يبارك في البنت فتنشأ نشأة صالحة, ويكون فيها النفع الكثير لوالديها في الدنيا والآخرة, ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 49195.

وأما الإجهاض فإنه محرم - خاصة بعد نفخ الروح في الجنين؛ لما فيه من قتل النفس بغير حق - كما بينا بالفتوى رقم: 2016.

وبناء على هذا فلا يجوز لك طاعته في أمر الإجهاض, فعليك مناصحته برفق ولين في ضوء ما ذكرنا عسى أن يلين قلبه ويرضى ويسلم, وإن أصر على الإجهاض، وخشيت من زوجك ضررًا فارفعي الأمر إلى القاضي الشرعي ليحميك منه، ويحمي هذا الجنين من الاعتداء عليه في نفسه بالإجهاض, أو على نسبه بالإنكار، حصل الطلاق أو لم يحصل. ولا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق إلا لسبب معتبر شرعًا، وقد بينا بالفتوى رقم: 37112 مسوغات طلب المرأة الطلاق, وإذا وجد شيء من هذه المسوغات فلا ينبغي أن تتعجل في طلب الطلاق حتى يتبين لها أنه الأصلح لها. وننبه إلى أنه لا يجوز اتهام المسلم أو المسلمة بشيء معيب من غير بينة، خاصة إن كان فيما يتعلق بالعرض، فالأمر أعظم والإثم أشد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني