الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المنهج الوسط بين الغلو والتقصير في الإيمان بالأسماء والصفات

السؤال

شكرًا لكم على إجابتكم عن سؤالي رقم: (2390077), وفي جواب ذلك السؤال ذكرتم لي: (ونحن في جواب هذا السؤال نذكر طرفًا من هذا الخلاف ملخصًا, فنقول: أهل العلم في هذا الحديث مختلفون طرائق شتى: فمنهم من يرى أن الكف عن الخوض في هذا الحديث ونحوه من متشابه الأثر أولى وأسلم, قال الشوكاني: قال النووي وغيره: وهو أسلم)، ولا أدري هل ما تعنونه من هذا الجزء أنهم كانوا يؤمنون بلفظ الحديث فقط, ويفوضون معناه إلى الله أم ماذا؟ أرجو أن توضحوا لي أكثر, خاصة أنكم قلتم: (أخذ هذا القائل بقولٍ قال به أهل العلم - كما تبين - ونحن نرى الأولى والأسلم - لمن حاله ما ذكرت - أن يدع الخوض والتعمق في هذا الأمر, ويكف عن ذلك، فلا تبلغ هذه المسألة في العقيدة حدًّا لا بد للمسلم فيه من مسلك معين) فهل على المسلم معرفة ما قاله العلماء في هذا الحديث مع اختيار قول أحدهم أم أن عليه معرفة قولهم وآرائهم والسكوت دون اختيار أي رأي ونسيان الموضوع فحسب؟
أرجو أن توضحوا لي - جزاكم الله خيرًا - فأنا لم أدرس العلم الشرعي, وليست لدي معلومات كافية, إلا أنني وقعت على هذا الحديث صدفة منذ أربعة أشهر, وحاولت جاهدة البحث فيه, ولكنني لم أفلح والتبس عليّ الأمر كثيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجب على المسلم معرفة ما قاله العلماء في هذا الحديث ولا اختيار قول من أقوالهم فيه, بل لو جهل جملة ذلك ما لحقه إثم في دينه, ولا ضرر في عقيدته، فهذا مما يسع المسلم جهله, بل قد يكون الجهل بهذه التفاصيل في بعض الأحيان أولى له وأسلم.

وهذا الحديث من أحاديث الصفات - كما قال الإمام النووي - ونحن نرى الأولى والأسلم لك أن تَدَعي الخوض والتعمق في هذا الأمر، وتكتفي عن ذلك بالكف والتسليم، فقد زادك الاطلاع عليه تشويشًا ولبسًا، فلا تبلغ هذه المسألة في العقيدة حدًّا لا بد للمسلم فيه من مسلك معين، وحسبك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر قدوة وأسوة, فلم يتنطعوا, ولم يتكلفوا الخوض فيما لم يبين لهم من هذه المشكلات, ولو كان علم ذلك ضرورة أو حاجة تتوقف عليها سلامة المعتقد أو صحته لبينه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلم من هذا أن ما لم تدع الحاجة إليه من هذا الأمر ينبغي الكف عنه, وذلك أحرى لمن تشوش عليه معرفته.

وفي هذا المعنى يقول الشيخ العثيمين: إن الناس في هذا الباب - أي: في باب أسماء الله وصفاته - ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: طرفان ووسط, فطرفٌ يقول مثلما قال هذا السائل عن شخصٍ آخر أنه يقول: لا تبينوا أسماء الله وصفاته؛ لأنها من المتشابه، ولكن إذا سألوا فأجيبوهم.

وقسمٌ آخر طرفٌ آخر يقول: بينوا للناس أسماء الله وصفاته، ثم ما يتفرع على هذه الأسماء والصفات من الإشكالات أوردوه عليهم، أو تعمقوا في جانب الإثبات واذكروا كل شيء، حتى أن بعضهم يقول مثلاً: كم أصابع الله؟ كيف استوى على العرش؟ هل لله أذن؟ وما أشبه ذلك من الأمور التي يجب الإعراض عنها؛ لأنها لم تذكر في الكتاب ولا في السنة، ولو كان ذكرها مما تتوقف عليه العقيدة الصحيحة لكان الله يبينها لعباده: إما في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

والقسم الثالث وسط يقول: علموا الناس ما يحتاجون إليه في هذا الباب، دون أن تتعمقوا وتتكلفوا ما لستم مكلفين به, وهذا القول هو الصحيح، هو الراجح، أن نعلم الناس ما يحتاجون إليه، إلى معرفته في هذا الباب، وأن لا نتكلف علم، ما ليس لنا به علم، بل نعرض عنه.

وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 197971 وهي في المنهج الصحيح في الإيمان بالأسماء والصفات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني