الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القرآن محفوظ بحفظ الله له

السؤال

كلما سددت باب وسوسة دخلت من باب آخر، كنت أوسوس في الطهارة والصلاة، وعندما تخلصت منها أتت في التكفير، وعندما تخلصت منها أتت في التشدد ـ أفعل الشيء وأشك في تحريمه ـ وعندما تخلصت منها أتت وسوسة في الذات الإلهية، وعندما تخلصت منها أتت وسوسة عكرت مزاجي وضايقتني كثيرا، فأرجو أن يصل السؤال كاملا لأنني إذا أطلت السؤال فلن يصلكم كاملا: الوسوسة في ظني الثبوت وقطعي الثبوت، وظني الدلالة وقطعي الدلالة ـ لقد ضايقتني كثيرا وآذتني، فمثلا عندما أقرأ حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو ثابت قطعا أم ظنا؟ يراودني هذا السؤال: إذا كانت الآحاد في العقيدة، فكيف تتيقن بالنص واليقين لا شك فيه، مع العلم أنك لست متيقنا بثبوته؟ مع العلم أنني أعرف مذهب أهل السنة تجاه الآحاد وقد قرأت الفتاوى، لكن الشبهة معلقة في قلبي، فإذا قرأت حديثا سواء كان ظنيا أم قطعيا، فلو كان ظنيا، هل تعتقد هذا الكلام؟ وماذا لو كان غير صحيح وأنت اعتقدته؟ سأخبر نفسي أن البشر ليسوا معصومين من الخطأ والله غفور رحيم، هنا يأتي السؤال: إذا كنت لست متأكدا من ثبوته فكيف تعتقده؟ وآية 9 من سورة الحجر هناك من فسر أن الحفظ لمحمد، فيأتي الشيطان ويقول إن حفظ القرآن ظني وليس بقطعي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكل هذه الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلبك لا علاج لها إلا الإعراض عنها وألا تلتفت إلى شيء منها، وأما حفظ القرآن فإياك إياك أن تشك فيه فإنه أمر مقطوع به، وقد تكفل الله بحفظه؛ كما قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9}.

ولم يقل أحد البتة إن هذا الحفظ إنما هو للنبي صلى الله عليه وسلم لا لأمته، ولو قرأت خبر جمع القرآن في عهد الصديق ثم في عهد عثمان ـ رضي الله عنهما ـ لتبين لك قطعا أن هذا القرآن محفوظ بحفظ الله له لم يطرأ عليه أي تبديل أو تحريف أو زيادة أو نقصان، والحمد لله رب العالمين.

وأما أحاديث الصحيحين: فجمهورها يفيد العلم، فهو مقطوع بثبوته لما احتف به من القرائن، وانظر الفتوى رقم: 193765.

فدع عنك هذه الوساوس وتلك الأفكار الشيطانية، وما كان من الخبر ظني الثبوت فأنت متعبد بالعمل به، ولهم خلاف مشهور في الاحتجاج بالآحاد في العقائد، والصواب أن كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو حجة في العقائد وغيرها، وما دام هذا هو ما تعبدك الله به فلم الوسوسة وأنت فاعل ما أمرت به، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها؟ فنحن ننصحك بمجاهدة نفسك وعدم الاسترسال مع هذه الوساوس، لئلا يفضي ذلك بك إلى ما هو أعظم من هذا، نسأل الله لك العافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني