الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: من قرض بيت شعر... وشرح حديث: لا تسمين غلامك يسارا...

السؤال

عندي سؤال، بل استفسار عن حديث قيل في مضمونه أنه لا تقبل صلاة أحد في ليلة تغنى فيها بشعر، فهل يعني بها العشاء والمغرب؟ أم القيام؟ وما هو شرح حديث: حدثنا ‏‏النفيلي، حدثنا ‏ـ زهير ‏ـ حدثنا ‏‏منصور بن المعتمر، عن ‏هلال بن يساف، عن ‏‏ربيع بن عميلة، ‏عن ‏‏سمرة بن جندب ‏‏قال: ‏قال رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم: لا تسمين غلامك ‏‏يسارا، ‏ولا ‏رباحا، ‏ولا ‏‏نجيحا، ‏ولا ‏‏أفلح،‏ ‏فإنك تقول أثم هو فيقول لا، إنما هن أربع فلا تزيدن علي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث الأول قد أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرض بيت شعر بعد العشاء الآخرة، لم تقبل له صلاة تلك الليلة.

وهو حديث ضعيف، ضعفه العقيلي، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وقال الألباني: منكر، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف جدا.

وظاهر الحديث العموم، لأن صلاة نكرة في سياق النفي، وهذا من صيغ العموم، فيدخل فيه الفرائض، والنوافل كالقيام، لكن الحديث ضعيف ـ كما سبق ـ فلا يحتج به.

وأما حديث سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسمين غلامك يسارا، ولا رباحا، ولا نجيحا، ولا أفلح، فإنك تقول أثم هو، فيقول لا، إنما هن أربع فلا تزيدن علي. فقد أخرجه مسلم في صحيحه.

قال الخطابي في شرحه للحديث: قد بين النبي صلى الله عليه وسلم المعنى في ذلك وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أنهم كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها إما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها فحذرهم أن يفعلوه، لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد وذلك إذا سألوا، فقالوا أثم يسار؟ أثم رباح؟ فإذا قيل لا، تطيروا بذلك وتشاءموا به وأضمروا على الإياس من اليسر والرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه ويورثهم الإياس من خيره. اهـ.

وفي مرقاة المفاتيح: لا تسمين أي: البتة أيها المخاطب، بالخطاب العام غلامك أي: صبيك أو عبدك يسارا: من اليسر ضد العسر، ولا رباحا: بفتح الراء من الربح ضد الخسارة، ولا نجيحا: من النجح وهو الظفر، ولا أفلح: من الفلاح وهو الفوز، فإنك تقول ـ أي: أحيانا ـ أثم: بفتح المثلثة وتشديد الميم بتقدير استفهام أي: أهناك هو؟ أي: المسمى بأحد هذه الأسماء المذكورة، فلا يكون أي: فلا يوجد هو في ذلك المكان اتفاقا، فيقول أي: المجيب لا، أي: ليس هناك يسار، أو لا رباح عندنا، أو لا نجيح هناك، أو لا أفلح موجود، فلا يحسن مثل هذا في التفاؤل، أو فيكره لشناعة الجواب: في شرح السنة: معنى هذا: أن الناس يقصدون بهذه الأسماء التفاؤل بحسن ألفاظها أو معانيها، وربما ينقلب عليهم ما قصدوه إلى الضد إذا سألوا فقالوا: أثم يسار أو نجيح؟ فقيل: لا، فتطيروا بنفيه وأضمروا اليأس من اليسر وغيره، فنهاهم عن السبب الذي يجلب سوء الظن والإياس من الخير، قال حميد بن زنجويه: فإذا ابتلي رجل في نفسه أو أهله ببعض هذه الأسماء فليحوله إلى غيره، فإن لم يفعل، وقيل: أثم يسار أو بركة؟ فإن من الأدب أن يقال: كل ما هنا يسر وبركة، والحمد لله، ويوشك أن يأتي الذي تريده، ولا يقال ليس هنا ولا خرج. اهـ.

وانظر للفائدة الفتوى رقم: 176375.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني