الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإصابة بالوسوسة لا تمنع من تعليم الناس ونصحهم

السؤال

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خير للناس، أسأل الله أن يتقبل منكم وأشكركم على حسن تعاملكم خاصة تعاملكم مع الأشخاص المصابين بالوسوسة, أريد أن أسألكم فضيلة الشيخ: هل لأنني موسوس إذا رأيت أحدا يقوم بفعل خاطئ لا أبين له الراجح في المسأله من غير أن أشعره أنني مصاب بوساوس, حيث إن رجلا في المسجد الذي أصلي فيه أنكر عليّ تأخري في الركوع بعد الإمام, وفي إحدى المرات ذهبت إلى غرفته ـ في المسجد ـ وبعد حديث أخبرته أن عندي وساوس، ويبدو أنه أراد مساعدتي فأصبح يريني كيف يتوضأ ويبين لي أن الأمر سهل، وأنه لا داعي للوسوسة وأنه يكرهها، فاكتشفت أن عنده طوام كثيرة حيث أراني أكثر من طريقة للوضوء منها ما يخالف الترتيب ـ أي يبدو أنه مع القول بعدم وجوب الترتيب للأعضاء في الوضوء حيث من ضمن طرقه أنه مسح على جوربه ثم عاد لعضو قبله ـ ومنها المسح على جزء قليل من الرأس والمسح على جزء قليل من الجورب ـ أعلاه وأسفله ـ والطامة الكبرى أنه يرى جواز المسح على القدمين متأولا لذلك القراءة التي تأتي ـ وأرجلكم ـ بالكسر, لم أنكر عليه ذلك كله، لأنني أعلم أن ذلك الرجل يحاول اتباع المذهب الحنفي، وكان من كلامه أنه يتوضأ كهديّ النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء لكي ننال الشفاعة بإذن الله تعالى، ولما بحثت عن المسح على القدمين وجدت إجماع المذاهب الأربعة على وجوب غسل القدمين وأنه لا يمسح عليها, وبعدها بفترة قلت له مع الدليل: حديث: ويل للأعقاب من النار ـ وأخبرته أيضا عن مسألة الترتيب للأعضاء، فرد علي بقوله: لا تجعلني أحرجك معي ـ وهو طالب في كلية الشريعة ـ أهذا رد يا فضيلة الشيخ من شخص ينسب إلى طلبة العلم؟ أأسف جدا على الإطالة فعندي سؤالان: هل لأن عندي وساوس يمنعني ذلك من أبين لشخص الراجح في مسألة معينة؟ وما حكم الصلاة خلف ذلك الرجل؟ لأنني لا أعلم كيف توضأ للصلاة؟ أتوضأ كهديّ النبي صلى الله عليه وسلم أم توضأ كما فعل أمامي؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالإصابة بالوسوسة لا تمنع من طلب العلم ونشره والمناقشة العلمية وبيان القول الراجح بدليله، فلا نرى مانعا لك من ذلك ولو كنت مصابا بالوسوسة, وقد أحسنت في نصحك لذلك الرجل فيما يتعلق بمسح الرجلين في الوضوء، فإن الإجماع منعقد على وجوب غسلهما، كما بيناه في الفتوى رقم: 66589.

وقد كان اللائق به ما دام يطلب العلم أن يناقش معك المسألة نقاشا علميا لا أن يرد بذلك الرد, وأما عن حكم صلاتك خلفه: فإن صلاتك السابقة خلفه صحيحة ولو كان يمسح رجليه، لأن هذا مما يخفى على المأموم, وقد نص الفقهاء على أن كل مبطل لصلاة الإمام إذا كان يخفى على المأموم ولا يمكنه الاطلاع عليه فإنه لا تبطل به صلاة المأموم, قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في الفتاوى الفقهية الكبرى: كُل مُبْطِلٍ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ إذَا طَرَأَ كَنِيَّةِ الْقَطْعِ لَا يُؤَثِّرُ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُوم، بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ وَلَوْ بِوَجْهٍ مَا. اهـ.
فإذا علمت أنه يمسح على رجليه ولا يغسلهما فلا تقتد به مستقبلا، لأن صلاته باطلة وينبغي لك أيضا نصح المصلين وإخبارهم أن الإمام لا يغسل قدميه في الوضوء، وأنه يكتفي بمسحهما حتى يستبدلوه بمن يصلح للإمامة، والدين النصيحة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني