الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى جواز استعمال موانع الحمل المؤقتة بنية منعه على الدوام

السؤال

في موضوع منع الحمل: إذا نوى الرجل مجرد نية منع الحمل، ولم يستعمل أي وسائل طبية، وإنما وسائل طبيعية، أو وسائل طبية تستعمل لتنظيم النسل لا لقطعه، ولكن في نيته القطع.
فهل يحل له هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز استخدام الوسائل التي يترتب عليها قطع الحمل نهائيا، إلا أن يوجد ضرر محقق أو غالب يلحق بالأم بسبب الولادة، وعلم أن هذا الضرر مما يستحيل عادة إزالته، ولا يمكن دفعه إلا بهذا النوع من الوسائل. كما بينا ذلك في الفتاوى أرقام: 32635 ، 53493 ، 139382 .
أما استخدام موانع الحمل المؤقتة، التي لا يترتب على استخدامها محذور شرعي، أو ضرر، فجائز، لتحقيق مصلحة تراها الأسرة، كحماية الرضيع من الضرر، والحفاظ على صحة الأم، ونحو ذلك. كما بينا ذلك في الفتويين: 11479 ، 25620 .
وأما مسألة استعمال الإنسان موانع الحمل المؤقتة بنية أن يمنعه منعا دائما، فالظاهر أن ذلك ليس محرما؛ لأن هذه الموانع غير يقينية الأثر، بمعنى أن الحمل قد يحدث بالرغم من استعمال هذه الوسائل- كما يقرر ذلك الأطباء - ويدل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر- رضي الله عنه- أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن لي جارية، هي خادمنا، وسانيتنا [ أي ساقيتنا ]، وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: (اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها)، فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت، فقال: (قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها).

وكذلك ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي أمة، وأنا أعزل عنها، وإني أكره أن تحمل، وإن اليهود تزعم أنها المؤودة الصغرى ؟ قال: (كذبت يهود، إذا أراد الله أن يخلقه لم تستطع أن ترده) .
فظاهر هذه الأحاديث أن السائل لا يريد منعا مؤقتا، وإنما منعا دائما باستخدام وسيلة منع مؤقتة، فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.

وقد جاء في مغني المحتاج في حكم استعمال الرجل والمرأة دواء لمنع الحمل: وقد يقال: هو لا يزيد على العزل، وليس فيه سوى سد باب النسل ظنا، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا، وعلى القول بالمنع فلو فرق بين ما يمنع بالكلية وبين ما يمنع في وقت دون وقت فيكون كالعزل، لكان متجها.
وبناء على ما تقدم، فإنه لا حرج في استخدام وسائل منع الحمل المؤقتة المشروعة مع نية استدامة استخدامها بشرط إذن الزوجة؛ لأن الزوج لا يحق له أن يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها لأحقيتها في الولد. وانظر الفتوى رقم: 18487
وينبغي أن يعلم السائل أن الشريعة الإسلامية ترغب في كثرة النسل، وتعتبره نعمة من نعم الله تعالى، فقد امتنَّ الله تعالى على عباده بقوله: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً [النحل:72] ، وتنظر إليه على أنه من أولى الأسباب التي شرع من أجلها الزواج، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة. رواه أبو داود.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني