الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمرة أم النفقة على الوالدين

السؤال

جزاكم الله كل خير، وشكرا على مجهودكم، أريد منكم المساعدة: أبي يمتلك مبلغا من المال يكفي لأداء العمرة، وهو يتمنى أن يذهب ويعمل عمرة، لكن جدي وجدتي ـ والده ووالدته ـ يعانيان من أزمة مالية ووضع مادي سيئ، فهل يعطيهما هذا المال؟ أم يقوم بالذهاب للعمرة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فاعلم أن نفقة الأب والأم الفقيرين واجبة على ولدهما الموسر, قال ابن قدامة في المغني: وَيُجْبَرُ الرَّجُلُ عَلَى نَفَقَةِ وَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، وَكَانَ لَهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ, الْأَصْلُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ. اهـ.

وقد بينا شروط نفقة الولد الموسر على والده الفقير في الفتويين رقم: 154895، ورقم: 148897.

فإذا كان جدك وجدتك فقيرين فإنه يجب على أبيك ـ ولدهما ـ أن ينفق عليهما، ولا يجوز له إنفاق المال في العمرة ويترك والديه محتاجين, وفي الحديث الصحيح: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

والعمرة على القول بوجوبها مرة في العمر فإنها إنما تجب على من فضل عنده مال زائد عن الحوائج الأصلية والنفقات الواجبة, ومن النفقة الواجبة النفقة على الأبوين الفقيرين, فيجب عليه أن ينفق على أبويه، ثم إن فضل مال زائد يكفي للعمرة فليعتمر, هذا إذا كانت حاجة الأبوين للنفقة من مأكل أو ملبس أو مشرب, وأما إن كانا محتاجين لغير ذلك كأن يكون عليهما أو على أحدهما دين فقد نص الفقهاء على أن الولد ليس ملزما شرعا بقضاء دين أبيه، كما قال ابن قدامة في المغني: الْوَلَد لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ دِينِ وَالِدِهِ... اهـ.

وعلى القول بأن العمرة واجبة مرة على الفور ـ وهو المرجح المفتى به عندنا ـ فإن الابن في هذه الحال يُقدم أداء العمرة على قضاء دين أبيه, وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: هل يقدم حج الفريضة أم أداء دين أبيه المطالب به؟ فأجاب بقوله: يقدِّم حج الفريضة، لأنه لا يلزمه أداء الدين عن أبيه، ولكن أباه إن كان خلّف تركةً وجب قضاء دينه منها، وإن لم يخلف تركةً فأمره إلى الله عز و جل. اهــ نقلا من فتاوى الإسلام سؤال وجواب لفضيلة الشيخ محمد المنجد حفظه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني