الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المضاربة مع هاتين الشركتين فاسدة لتخلف الشروط العامة لجواز الشركات

السؤال

سؤالي بخصوص الاستثمار والمضاربة في المال: عرضت علي شركتان لتوظيف الأموال وأريد أن أعرف أيهما يجوز شرعا التعامل معها:
أولا: شركة تعطي أرباحا بنسبة ثابتة مثل 10% من أصل المبلغ لصاحب رأس المال في حالة الربح، وفي حالة الخسارة يتحمل الطرفان الخسارة ـ صاحب رأس المال يخسر ماله والشركة تخسر المجهود والمال إن كانت لها نسبة ـ وهذا بعلم كل من الطرفين ورضاهما.
ثانيا: شركة تعطي نسبة متغيرة بين حدين من 3% إلى 5% من أصل المبلغ في حالة الربح، ويتحملان الخسارة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل لنا ولك الهداية والتوفيق، والرزق الحلال الطيب، فقد دلت النصوص الشرعية على أهمية توخي الحلال في المأكل والمشرب والملبس، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ـ وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ـ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له!. رواه مسلم.

فهذا الرجل قد توفرت له كل أسباب إجابة الدعاء من سفر، ورفع اليدين إلى السماء، وقوله يا رب، وهو أشعث مغبر، ومع ذلك لا يستجاب له، لأن كسبه محرم، ومطعمه حرام، ولا يجوز للمسلم التكسب عن طريق الوسائل غير المشروعة، فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عله وسلم: لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت، وكل لحم نبت من السحت فالنار أولى به. رواه أحمد والدارمي.

وأما عن سؤالك: فإن العلاقة التعاقدية بينك وبين كلا الشركتين هي المضاربة، والتي هي: أن يدفع رجل ماله إلى آخر يتجر له فيه, على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه، فيكون صاحب المال مشاركاً بماله، والمضارب بعمله، والمضاربة مع هاتين الشركتين فاسدة، لأنه يشترط في المضاربة أن يتم الاتفاق على نسبة مشاعة من الربح لكل من رب المال والمضارب، لا على أساس مبلغ مقطوع أو نسبة من رأس المال، فمثلاً: يتفق الطرفان على أن لأحدهما الثلث أو النصف، أو 20% من الأرباح، وليس من رأس المال، وليس لأحد في المضاربة أن يشترط لنفسه قدراً معيناً من الربح، وهنا قد جعلت هذه الشركات حداً للربح الموزع منسوبا إلى رأس المال، وكونه متغيرا في إحدى الشركتين لا يغير من الحكم شيئا ما دام منسوبا إلى رأس المال، فالمضاربة ربحها متغير، لكن ليس كل ربح متغير يعتبر مضاربة صحيحة، قال الكاساني ـ رحمه الله ـ في بدائع الصنائع في الشروط العامة لجواز الشركات:

ومنها: أن يكون الربح جزءا شائعا في الجملة, لا معينا، فإن عينا عشرة, أو مائة, أو نحو ذلك كانت الشركة فاسدة، لأن العقد يقتضي تحقق الشركة في الربح، والتعيين يقطع الشركة لجواز أن لا يحصل من الربح إلا القدر المعين لأحدهما, فلا يتحقق الشركة في الربح.

وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة, أو جعل مع نصيبه دراهم, مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم, بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.

وانظر للفائدة الفتوى رقم: 17902.

ويمكنك الرجوع للفتاوى التالية أرقامها: 1873، 5480، 63918، 72143، 72779، 158449، لمزيد من الفائدة حول شروط وضوابط المضلربة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني