الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المسبوق إذا شرع في تكبيرة الإحرام حال قيامه وأتمها حال انحطاطه

السؤال

السؤال هو: هل مسألة القيام لتكبيرة الإحرام للمسبوق الذي وجد الإمام راكعا أو ساجدا مسألة خلافية؟ قرأت في بعض كتب الفقه أن من أركان الصلاة تكبيرة الإحرام والقيام لها، وعلى هذا لو كبر المصلي تكبيرة الإحرام حال انحطاطه للركوع كأن يبدأ التكبير قائما ويكمله حال انحطاطه للركوع بطلت صلاته، لكن بالرجوع لكتاب: أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك وجدت أن المسبوق لو كبر قائما وأتم التكبير حال انحطاطه صحت صلاته، وهذا نص ما ذكره صاحب الكتاب: فصل: فرائض الصلاة.. وتكبيرة الإحرام، وإنما يجزئ الله أكبر، والقيام لها في الفرض، إلا لمسبوق كبر منحطا، وفي الاعتداد بالركعة إن ابتدأها قائما تأويلان ـ كتاب: أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمسألة المسبوق الذي شرع في تكبيرة الإحرام حال قيامه وأتمها حال انحطاطه محل خلاف بين أهل العلم هل تبطل الصلاة في هذه الحالة أم لا؟ فعند المالكية تعتبر هذه الصلاة صحيحة، وفي اعتداد المصلي بهذه الركعة خلاف، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: يعني أن القيام لتكبيرة الإحرام: هل هو واجب مطلقا، أو واجب في حق غير المسبوق؟ وأما القيام في حقه: فلا يجب عليه، فإذا فعل بعض تكبيرة الإحرام في حال قيامه وأتمه في حال انحطاطه، أو بعده من غير فصل بين أجزائه فهل يعتد بتلك الركعة بناء على القول الثاني، أو لا يعتد بها بناء على القول الأول؟ وصلاته صحيحة على كل حال. انتهى.

وعند جمهور الشافعية إذا وقع بعض تكبيرة الإحرام في غير القيام لم تنعقد الصلاة أصلا، وقال بعضهم: إذا وقع بعض التكبير حال الانحناء وقبل الوصول لحد الركوع انعقدت الصلاة، جاء في المجموع للنووي: واعلم أن جمهور الأصحاب أطلقوا أن تكبيرة الإحرام إذا وقع بعضها في غير حال القيام لم تنعقد صلاته، وكذا قاله الشيخ أبو محمد في التبصرة، ثم قال: إن وقع بعض تكبيرته في حال ركوعه لم تنعقد فرضا، وإن وقع بعضها في انحنائه وتمت قبل بلوغه حد الراكعين انعقدت صلاته فرضا لأن ما قبل حد الركوع من جملة القيام، ولا يضر الانحناء اليسير، قال: والحد الفاصل بين حد الركوع وحد القيام أن تنال راحتاه ركبتيه لو مد يديه، فهذا حد الركوع، وما قبله حد القيام. انتهى.

والمشهورعند الحنابلة أن الصلاة لم تنعقد فرضا إذا وقع بعض التكبير حال الركوع، ولكنها تنعقد نفلا، وراجع الفتوى رقم: 170375.

وعند الحنفية إذا كبر المصلي تكبيرة الإحرام منحنيا وهو أقرب إلى القيام صحت صلاته, وإن كان أقرب للركوع فهي باطلة جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم: ولو جاء إلى الإمام وهو راكع فحنى ظهره، ثم كبر، إن كان إلى القيام أقرب يصح، وإن كان إلى الركوع أقرب لا يصح. انتهى.

وفي الجوهرة النيرة على المذهب الحنفي: وَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ مُنْحَنِيًا، إنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ. انتهى.

وقد علمتَ مما سبق تفاصيل مذاهب أهل العلم في المسألة، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 187785.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني