الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا يفعل من تنزل منه قطرة أو قطرتان بعد الاستنجاء من البول

السؤال

اطلعت على فتاوى كثيرة، فلم أجد فيها ما يخص حالتي. عندي مشكلة في نزول البول: فبعدما أبول وعند القيام من الجلوس بعد الاستنجاء تنزل مني قطرة أو قطرتان، وتنقطع بعد ذلك، وهذا عندما أقوم من الاستنجاء فقط، ولا يمكنني تفادي هذه القطرات عند القيام من الاستنجاء بعد البول، وقد رأيت أن المالكية رخصوا في هذا الشيء، لأنه يعسر تفاديه.
فهل لي أن أعمل بقول المالكية من أن ما كان قدر الدرهم يعفى عنه من النجاسة؛ لأن ذلك فيه تسهيل كبير عليَّ، لأنني أحيانا لا أكون في المنزل، ويصعب عليَّ التطهر؟ أم ماذا أفعل؟ أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه، ثم إن التخلص مما تجده من قطرات يكون بما نص عليه أهل العلم من طرق للاستبراء من البول؛ كسلت الذكر، وعصره عصرًا خفيفًا مرة أو مرات، حتى يغلب على ظنك خلو مجرى البول مما يخاف خروجه، ولكن لا تبالغ في ذلك حتى تصل إلى حد الوسوسة، أو ما يضر بصحتك.

قال النووي في المجموع: والمختار أن هذا يختلف باختلاف الناس، والمقصود أن يظن أنه لم يبق في مجرى البول شيء يخاف خروجه، فمن الناس من يحصل له هذا المقصود بأدنى عصر، ومنهم من يحتاج إلى تكراره، ومنهم من يحتاج إلى تنحنح، ومنهم من يحتاج إلى مشي خطوات، ومنهم من يحتاج إلى صبر لحظة، ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا، وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة، قال أصحابنا: وهذا الأدب -وهو النتر والتنحنح ونحوهما- مستحب، فلو تركه فلم ينتر، ولم يعصر الذكر، واستنجى عقيب انقطاع البول، ثم توضأ، فاستنجاؤه صحيح، ووضوؤه كامل؛ لأن الأصل عدم خروج شيء آخر، قالوا: والاستنجاء يقطع البول، فلا يبطل استنجاؤه ووضوؤه إلا أن يتيقن خروج شيء. انتهى.

وإذا أصبت بوسوسة في شأن خروج شيء بعد الاستنجاء، فيستحب لك نضح الفرج والسراويل لقطع تلك الوساوس.

قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوساوس عنه، قال حنبل: سألت أحمد: قلت: أتوضأ وأستبرئ، وأجد في نفسي أني أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ، ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك، ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب -إن شاء الله تعالى-. انتهى.

وما نسبتَه للمالكية من العفو عما يعسر الاحتراز منه صحيح، وهذه المسألة مختلفة عن مسألة العفو عن يسير النجاسة، فالمالكية يخصصون العفو عن قدر درهم من النجاسة بنجاسة الدم، والقيح، والصديد خاصة, ولا يشمل ذلك العفو عندهم سائر النجاسات كنجاسة البول على المشهور.

جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: فهم من كلام المصنف أن يسير ما عدا هذه الثلاثة من النجاسات وكثيره سواء، وهو كذلك، ولم أر في ذلك خلافا إلا في البول، فاختلف هل يعفى عن يسيره؟ والمشهور أنه لا يعفى عنه، وهو مذهب المدونة. انتهى.

لكن بعض أهل العلم غير المالكية قالوا بالعفو عن يسير البول, فالحنفية قالوا: يعفى عن قدر الدرهم من البول, ولك تقليد هذا المذهب في العفو عن يسير البول، إذا عسر عليك الاحتراز من نزول يسير البول بعد الاستنجاء.

وراجع لضابط اليسير المعفو عنه بولا، أو غيره الفتاوى التالية أرقامها: 18639، 53344، 50760.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني