الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اتهام الغير بدون بينة وتفتيش بيته بغير علمه وإتيان العرافين

السؤال

يا شيخ مشكلتي كبيرة جدا، وأرجو منك إفتائي فيها وإيجاد حل لها: لقد كنت في المدينة المنورة لأداء فريضة العمرة مع ابنتي، وولدي الاثنين، فاتصل بي زوجي وأخبرني باختفاء مبلغ من المال قدره ( 20000 ) دولار وهي ليست ملكنا؛ لأن زوجي يعمل في بناء البيوت فهي نقود العمل، وقد كان ثاني يوم لنا في المدينة، وقام باتهام ابني الكبير وهو كان معي في المدينة. وعندما صارحت ابني أنكر. وفور عودتي بدأت المشاكل، وعدت في رابع يوم من رمضان الحالي، وبدأ زوجي يهددني بأنه سيشتكي على ابني، ومن دون دليل، ومكان النقود لا يعرفه أحد غيري أنا وزوجي وابنتي ولم يزرنا أحد في هذه الفترة، وليس للنقود أي أثر في البيت. ومن كثرة الهم والقهر لا أستطيع أداء كل العبادات في هذا الشهر الكريم فقط أؤدي الصلاة، والصيام. ومن كثرة ضغط زوجي فقد قمنا بتفتيش بيت ابني من دون علمه، ولم نجد شيئا، ولم يصدق زوجي فأمرني أن أذهب إلى امرأة تفتح القرآن الكريم وتنظر فيه، فأخبرتني أن من بيننا من أخذ النقود و لم تذكر أي اسم؛ لأنها كانت حائضا، وأخبرتني أن أعود عندما تطهر لتخبرني المزيد. والآن زوجي يضغط علي لأذهب عندها ولكن علمت أن ذلك حرام؛ لهذا لا أريد الذهاب إليها؛ ولأني أديت فريضة العمرة مرتين، ولكن لا أعرف ماذا أفعل مع زوجي فحياتنا أصبحت جحيما وغما، ومشاكل لا تنتهي في هذا الشهر الفضيل .
أرجوك أرجوك يا شيخ أن تساعدني، وتجد حلا لمصيبتي، وأفتني في أمري هل أنا مذنبة في تفتيش بيت ابني من دون علمه؟
وهل أنا مذنبة في ذهابي إلى هذه المرأة، وقد زرت بيت الله مرتين، والله ذهبت غصبا عني وأنا مجبرة. وما هي نصيحتك لي وماذا أفعل ونصيحتك لزوجي وكيف تحل هذه القضية؟
ساعدني يا شيخ بارك الله فيك، ورزقنا وإياكم العفو والرحمة. اللهم آمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يحل لمسلم أن يأتي من يخبر بالسارق؛ لأن الذين يدعون كشف السراق يعدون من الكهان والعرافين الذين يحرم سؤالهم وتصديقهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من تطيَّر أو تُطير له، أو تكهن أو تُكهَّن له، أو سحر أو سُحر له. رواه المنذري وإسناده جيد. وقال صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد والحاكم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. رواه مسلم.

فالواجب البعد عن ذلك كله، ولا تتهموا الولد ولا غيره من دون بينة، أو قرينة؛ فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. والأصل في المسلم البراءة من الذنوب والمخالفات حتى يتبين خلاف ذلك، ولا يجوز اتهام الابن بالسرقة لمجرد الشك؛ لأن اتهامه بغير بينة نيل من عرضه، وهذا محرم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه. رواه مسلم.

ولا يجوز أيضا دخول غرفته الخاصة به بغير إذنه؛ لأن ذلك يدخل في التجسس المنهي عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تجسسوا. متفق عليه.

وجاء في تفسير التجسس ما ذكره النووي بقوله: ... التَّفْتِيش عَنْ بَوَاطِن الْأُمُور .... طَلَب مَعْرِفَة الْأَخْبَارالْغَائِبَة وَالْأَحْوَال. اهـ.

وننصحكم في علاج هذه المشكلة ان تلتجئوا إلى مفرج الكروب، ومزيل الهموم سبحانه، فبالدعاء يفرج الله ما بكم، ويعوضكم خيرا مما فقدتم. ومن الأدعية النافعة المستجابة دعاء ذي النون فقد روى أحمد والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لا يدعو بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب له.

ومنها: حسبي الله ونعم الوكيل ـ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:.. عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل. رواه أبو داود وغيره.

ومنها الدعاء بالاسم الأعظم، فقد روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فقال: والذي نفسي بيده، لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. صححه الألباني.

وروى أحمد وغيره عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا قال: فقيل: يا رسول، ألا نتعلمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني